هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

حرف من كتاب- الحلقة 11
“تاريخ لبنان من جذوره الفينيقية حتى 1975”- مجموعة باحثين
الأحد 24 نيسان 2011

في سِفْرٍ ضخمٍ من 1008 صفحات حجماً كبيراً، تولّت “منشورات فيليپ راي” الفرنسية (المتخصّصة بنشر كتب عن الآداب الأجنبية) إصدارَ كتاب “تاريخ لبنان من جذوره الفينيقية حتى 1975″، وهو عمل جماعيّ وضعه في الفرنسية عددٌ من الباحثين، في إشراف الباحث الراحل بطرس ديب (1922-1999) سفير لبنان سابقاً في فرنسا.
الكتاب من ثلاثة أقسام: تكوين لبنان التاريخي، تكوين جبل لبنان، ولبنان كيان دولي مستقلّ. تولى تحريرَ هذا الكتابِ القيِّم دكاترة باحثون في التاريخ والجغرافيا، فكتب مدخلَه الجغرافي في نحو أربعين صفحةً: جورج طعمة، بَهزاد الحكيم ونبيه كنعان عطالله، وتولى كتابةَ فصولِه التاريخية سبعةُ مؤرّخين، أحدهم فرنسي جان ريشار (كتب فصل “لبنان والصليبيين”)، والستةُ الباقون لبنانيون توزّعوا فصول الكتاب الباقية، فكتب حارث البستاني فصل “الفينيقيين”، ومحمد حمادة فصل “لبنان إبان الفتح الإسلامي والفاطميين”، وكمال الصلييبي فصل “لبنان في العهد المملوكي”، ومنير اسماعيل فصل “لبنان أَيام المتصرفية”، ووليد عربيد فصل “لبنان بين 1960 و1975″، فيما تولّى المشْرف على المشروع بطرس ديب كتابةَ القسْم الأكبر من فصول الكتاب: “لبنان والعصر الهيلنستي”، “لبنان أيام الفتح الروماني”، “لبنان أيام الزنكيين والأيوبيين”، وكتب القسم الثاني كاملاً عن “جبل لبنان بين 1516 و1860” (وفيه:”الفتح العثماني ومطالع العهد المعني”، “فخر الدين الثاني الكبير”، “لبنان بعد فخر الدين”، “عهد الشهابيين مع بشير الأول وحيدر”، ثم “مع بشير الثاني فالثالث” و”نهاية الإمارة الشهابية”، فـ”لبنان إبان القائمقاميتين”، إلى ذوبانهما في “عهد المتصرفية”).
ولبطرس ديب أيضاً في القسْم الثالث من الكتاب ثلاثة فصول: “لبنان في الحرب العالمية الأولى”، “لبنان تحت الانتداب الفرنسي”، و”لبنان الاستقلال”.
هذا الكتاب لوحة تاريخية بانورامية واسعة موثّقة منذ مطالع الفينيقيين على شاطئنا حتى مطالع 1975 حين اندلعت على أرضنا الشرارات الأُولى من الحرب. تتميّز النصوص بأسلوب سلس واضح مبسّط نابضٍ بشغَفِ إظهار صفحات مطوية من تاريخنا في مجهر علمي موضوعي يوصل إلى مفاتيح المفاصل الرئيسية من تاريخ لبنان الذي، كما كان دوماً يردّد بطرس ديب: “يعيش على حدود الخطر”. ويَظهر في الكتاب كيف لبنان كلّ مرة يتجاوز الخطر ومآسيه الموجعة ويقتبل الحضارات المتعاقبة على أرضه وشعبه من فينيقيين وإغريق ورومان وعرب وأوروبيين، يتركون بصماتهم على كيانه، وهو يَمضي إلى بنائه وعمرانه وازدهاره من جديد.
هكذا يَخلص قارئُ هذا الكتاب إلى فرادة لبنان في انفتاحه وليبراليّته وغناهُ وتنوُّعِه ووحدتِه وفسيفسائه الوطنية التي تَجعله – ديمغرافياً وجغرافياً وتاريخياً – وطناً علامتُه الجودة لا الكثرة، النوعيةُ لا العددية، مساحتُه الإنسانيةُ أوسع من مداه الجغرافي، وهويّته أن يكون الوطن الرسالة، شعبُه مساحةٌ روحية لا تَحُدُّها جغرافيا، ولا تغيب الشمس عن أمبراطورية شعبه المنتشرة في العالم حتى أقصى أقاصي الأرض.