هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

991: إقرأوا وابْكوا

الحلقة 991: إِقْـرأُوا وابْـكُـوا
الأربعاء 13 نيسان 2011

هذه العبارة (“إِقْرَأُوا وَابْكُوا” Read and Weep)
معروفةٌ من ألعاب المراهنات التي يُبرز فيها اللاعبُ الرابح ورقتَه أمام الخاسرين،
ويقول لهم متباهياً بحُسن حظّه، شامتاً بِسُوء حظهم: “إقرأُوا وابكوا” دليلَ أنه ربحَ بأوراقه وأنّ أوراقهم خَسِرَت.
واللبنانيون اليوم غارقون حتى الضَّجَر اليومي في هذه العبارة التي قد لا تنطبق على شعبٍ كما تنطبقُ عليهم.
ذلك أنّهم كلَّ يوم يتلقَّون تَحدّيات سياسيين يُطلُّون عليهم بأوراقٍ تُزهقُهم وتُبكيهم قهراً من أقنعة مزيَّفة وأصوات مزوّرة ومنابر مسمومة ترشُّ عليهم خُطَباً وتصاريحَ ومُحاضراتٍ وكلاماً في العفاف والصلاح والمثاليات.
فهذا يُحاضر عن محاربة الفساد وهو سيّد الفاسدين.
وهذا يُحاضر عن إلغاء الطائفية وهو بنى زعامته الشعبية على مبادئ الطائفية.
وهذا يُحاضر في الإصلاح والإدارة والتنظير وهو أفشلُ النظريين والإداريين، وأبعدُ ما يكون عن المصْلحين.
وهذا يُحاضر في النزاهة السياسية وهو أبرع من خفافيش الليل في إثارة النعرات وتدبير المكائد والأفخاخ لِخصومه.
وهذا يَخطب أو يصرّح أو يَعِد أو يتوعّد، وفي اليوم التالي يتراجع أو يبرّر أو يعِد وعداً آخر أو وعيداً آخر من جديد.
وتطول… تطول اللائحة:
أسماء… أسماء…
ألقاب… مناصب…
محاضرات… خُطَب…
تصاريح… وُعُود…
أقنعة بشكل وُجوه… قفّازات بشكل أكُفّ…
زيفٌ هنا وزيفٌ هناك وزيفٌ هنالك…
وتحدّياتٌ واستفزازاتٌ من سياسيين يظُنُّون الناسَ سُذَّجاً يستخفُّون بعقولهم
ويرمون لهم أوراقاً مُخدِّرة لإضعاف المواطنين وتركيعهم
كأنهم يقولون لهم:
“نحن أسيادكم وأُولُو أمركم، نحن أقوى منكم،
نحن نديركم كيفما نشاء، نحن ربحناكم فابْكُوا على خسارتكم وانقَهِروا”.
والشعب يقرأ ويسمع ويتلقّى
و… يبكي ويبكي ويبكي تعاسة حظِّه في مَن يدْعُونَه ويدّعون قيادته،
وهُم ليسوا سوى أعلامِ مجتمعٍ سياسيٍّ مزيّفٍ ذوي أقنعةٍ لا وُجوه،
يُرغمون الناس على تصديق قراءاتهم الخاطئة ويسبِّبون لهم القهر والبكاء.
لكنّ المواطن اللبناني كاشفُهم، وسئِمَ الوعود الكاذبة، وبات يفهم لعبة هذه الأوراق السياسية المكشوفة.
المواطنُ اللبناني لم تعد تنطلي عليه هذه اللعبة.
ويجيء يومٌ، قد يكون قريباً،
يعلنُ فيه أنه ليس مواطناً ساذجاً كما يتصوّر السياسيون،
وسوف يكشف عن أوراقه فيقلب الطاولة على لاعبين يتحقَّقون عندها مَن الذي يقرأ ومن الذي يبكي،
ويقول الشعب عندئذ للسياسيين: “إقرأوا وابكوا”.
هذا الخطاب السياسيّ الذي يُرَشُّ اليوم على اللبنانيين،
عسى أن يرعوي، قبل فوات الأوان،
فيوقفَ لعباته المفضوحة،
لأنّ حياة الناس وأرزاقَهم ليست أوراقَ مراهناتٍ رخيصةً على طاولة القمار السياسيّ.