هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

947: مَن وراءَ القضبان؟

الحلقة 947: مَـن وراءَ القضبان؟
الأحد 10 تشرين الأول 2010

فيما تناقلَت أمس السبت وسائلُ الإعلام، والهيئاتُ ذات الصلة بالسلام وحقوق الإنسان، نبأَ منحِ المناضلِ الصيني الْمُعارض ليو زِيَاوْبُو جائزةَ “نوبل للسّلام”، كانت وكالة الصحافة الفرنسية “أ.ف.ب” تنشر أن وزارة الخارجية الصينية استدعت السفير النروجي في پكّين لتُبْلِغَه “استياء الصين من منح زِيَاوْبُو الجائزة”. وحُجِبَ خبرُ هذا الفوز عن جميع مواقع الإنترنت في الصين كلّها. وكان للصين موقفٌ مُماثلٌ حين ثارت على منْح زعيم التيبت الروحي “دالاي لاما” جائزةَ “نوبل للسلام” سنة 1989.
الفائز الجديد بـ”نوبل للسّلام” كان أيضاً من روّاد الثورة خلال مظاهرات الطلاب على ساحة تْيِينّامِن في قلب پكين سنة 1989، وداعيةً عالي الصوت لحقوق الإنسان الصيني. وهو اليوم يقبع وراء القضبان منذ كانون الأول الماضي، ويقضي حكْماً بالسجن أَحَدَ عشَر عاماً لأنه نظّم عريضةً وقّعها على الإنترنت نحو عشرة آلاف صيني، تدعو الى تطبيق حقوق الإنسان في الصين وإجراء انتخابات ديمقراطية تعددية. ومِمّا جاء في العريضة: “يجب أن تتوقف ممارسةُ النظر إلى الكلمات على أنها جرائم. علينا أن نَبلُغ في بلادنا حريةَ القول، وحريةَ الصحافة، وحريةَ أن يزاول المواطن الصيني حقه في معرفة ما يَجري وما يُهَيَّأُ لِحاضره ومستقبله”.
قضية ليو زِيَاوْبُو تستدعي أكثر من تساؤُل: إلى أَيّ حدٍّ سيظلّ ينجَحُ كَمُّ الأفواه وممارسة الضغوط والإكراه؟ من يَحقُّ له فرضُ الظلْم والاضطهاد وإخفاء الحقيقة؟ أليست الحريةُ مُلْكَ الفرد لا مُلْكَ الدولة؟ أليست الحقيقةُ هي الأَقوى وستَظهرُ ولو بعد حين؟ ألَم يظهرْ أن غاليليه كان على حق، والْـحَكَموا عليه بالإعدام كانوا على خطأ؟ ألم يتجرَّعْ سقراط السُّمّ احتجاجاً على حقيقةٍ لم يعترف بها حكّام أثينا فظَهَرَتْ بعد موت سقراط؟ أليست الحقيقةُ هي التي ستفرض في النهاية مَن يجب أن يَكون وراء القضبان؟ وهل سَجْن المضطهَد يبرّر صواب المضطهِد؟ وهل يتخلّص المضطهِد من المضطهَد إذا رماه وراء القضبان؟ وهل سَجْن ليو زِيَاوْبُو مَنَعَه من أن ينالَ أكبر جائزة عالَمية للسلام، وأن ينتشر اسمه وفوزه نوراً في العالَم وهو قابعٌ في العتمة وراء قضبانِ زنزانةٍ من بضعة أمتار مربعة؟
الحقيقة الساطعة أَظهَرَتْ مِن وراءِ القضبان مَن وراءَ القضبان. وتبيّن أنّ مَن وراء القضبان هو الظُلْم، أيُّ ظُلْم، مهما بغى وطغى، وأنّ الذي يَبحَث عن الحقيقة واصلٌ إليها ولو بعد حين. وأسطعُ ما في الحقيقة أن يكونَ المضطهَدُ قابعاً في السجن وينطلقَ صوتُه في عالَم الحرية، وأن يكونَ المضطهِد راتعاً في حرية العالَم ويَحكُمَ العالَم عليه أنه هو الذي يَجبُ أن يكونَ… وراءَ القضبان.