هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

906: كي يكون الإنماء وحده المعيار

الحلقة 906: كي يكون الإنماء وحده المعيار
الأربعاء 19 أيار 2010

في فُسحة هذا الأسبوع – فاصلةً بين أَحَدَين انصَرَما وآخَرَين آتيَين -، يَجْمُلُ الوقوف لالتقاط عِبَر مِما عَبَر، وإسقاط توقُّعات على ما الْمُتَوَقَّع.
الحالةُ في جوهرها: انتخاباتٌ بلدية، نَحَتْ في بعض مسارها الى “عرض عضلاتٍ” في الانتخابات الاختيارية، لأسبابٍ معروفة لا علاقة لها بجوهر الانتخابات.
بلدية؟ إذاً هي انتخاباتُ السُّلطة المحلّية التي عليها الاتكالُ في تنفيذ الخدمات الأساسية للناس، ما يأخذ عادةً عنوان “الخدمة الإنمائية”، لأنّ العمل البلدي أساسُه إنماءٌ وتنميةٌ وانتماء: إنماءُ ما يجب إيجادُه، تنميةُ ما سبق ايجاده ويحتاج تطويراً، وانتماءٌ الى الضيعة أو البلدة أو المدينة أن تقدّم لأبنائها ما يجعلهم يرفلون بالخدمات المعيشية الحياتية، والبنية التحتية، وما إليها.
هذه الخدمات يُفتَرَضُ أن يؤمِّنها مَن يتولّى مسؤولية البلدية، أياً تكن ميولُه السياسية والتزاماتُه الحزبية وانتماءاتُه، لأن شعار الخدمة هنا: “نعم للإنماء، لا للسياسة”. وهذه الـ”لا”، ليست تنكُّراً للسياسة بل كي لا يُفسِدَ المنحى السياسي مسارَ الإنماء.
فهل كان الأمر كذلك في الأحدَين الماضيَين؟ وهل سيكون الأمر هكذا في الأحدَين المقبلَين؟
من تجربة الأحدَين الماضيَين ثبُتَ أنّ الناخبين، في قسم كبير منهم، لم يتأثّروا باليافطات والشعارات والصُّوَر الموزَّعة على النواصي والحيطان وأعمدة الكهرباء، بل أَسقطَ معظمُهم في صندوقة الاقتراع ورقةَ مَن “طُلِب” إليهم إسقاطُها، ولم يكن إلاّ قسمٌ ضئيلٌ مَن اقترعوا قناعةً منهم بمن اختاروا أسماءَهم لثقةٍ بعملهم، أو شخصيتهم، أو تاريخهم البلدي أو الوطني.
وأرجحُ الظنّ أن يكون الأمر كذلك في الأحدَين المقبلَين، بعدما السياسةُ لم تدخل الانتخابات البلدية وحسْب، بل نَخَرَتْها من أَلِفها الى… أَلِفها.
مع أن الانتخابات البلدية هي الأقربُ الى مُحاسبة المواطنِ مَن انتدَبَهُم عنه ليكونوا سلطةً مَحلّية ضمن السلطة المركزية، ومَن إليهم يرفع واجباته كي ينال منهم حقوقَه في المواطَنَة، وعلى خدماتهم يبني قرارَه في التجديد لهم، أو إسقاطِهم في الدورة التالية. من هنا أن خدمات المجلس البلدي هي التي تتكلّم لوحدها نيابةً عن الأعضاء المرشحين، فإمّا أن يُجدِّد المواطن ثقتَه بِهؤلاء، وإما أن يَحجُبَها عنهم ويَمنحَها سواهم. فالإنماء وحدَه هو المعيار.
هكذا هي الانتخاباتُ المحلية في دُوَلٍ تقوم سلطاتُها المحلية على حسابات الإنماء لا على احتسابات أصوات الموالين وأَصوات الخصوم. ليس في الإنماء إلاّ موالاة، أما المعارضة فلتحسين الإنماء وليست للكيديات والقهريات وعنعناتٍ مَحلية تنفلشُ في الإعلام وفي الناس على مستوى كلّ الوطن، فيكون الربح بالنقاط على الخصم وتكون الخسارة بالنقاط من الخصم، كأنها مباراة في الملاكمة أو في المصارعة الحرّة.
فهل يتَّعظُ ناخبو الأحدَين المقبلَين بهذه المعادلة الإنمائية؟
أم سيذهبون الى صندوقة الاقتراع لينتَخِبوا مَن “طُلِبَ” إليهم انتخابُهم؟