هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

900: تَـمَـنٍّ

الحلقة 900: تَــمَـنَّ
الأربعاء 28 نيسان 2010

اسمُه ماهر. عمرُه سبع عشرة سنة. أمنيتُه أن يحصلَ على كومپيوتر محمول.
اسمُه علي. عمرُه أربع عشرة سنة. أمنيتُه أن يجلسَ حَدّ قبطان الطائرة ويرافقَه في رحلته.
اسمُها نُور. عمرُها خمس سنوات. أمنيتُها أن تُمضي نهاراً على الثلج.
وَلَكَانت هذه الأمنياتُ بسيطةً وعادية، لو انّ مُتمَنِّيها أصحَّاءُ. غير أننا حين نعلم أنهم مُصابون بأمراضٍ خبيثة صعبة، ندرك أن تَحقيق أمنياتٍ يحلمون بها، هو مصدرُ فرحٍ لهم وأملٍ وقوةٍ ورجاء. وهو ما تفعله جمعية “تَمَنَّ” اللبنانية التي تأسَّست قبل خمس سنوات وحقَّقت حتى اليوم نحو 600 أمنية لأولادٍ وشبان وصبايا أدخلَت الفرح الى قلوبهم وحقَّقت لهم أمنياتٍ كانوا يحلمون بتحقيقها. وتحقيقُ الأمنية لأطفالٍ مرضى عاجزين، إنما هُـوَ :
* شمسٌ لهم في ليل مأساتهم أو إعاقتهم،
* هربٌ لهم من واقعهم الصعب،
* قوّةٌ لهم على مقاومة الوهْن والمرض،
* سندٌ لهم في حالات اليأس والإحباط والهبوط والتوجّع والألم،
* فسحةٌ لهم للمرح والفرح،
* عودةٌ لهم الى لحظة البسمة،
* وانسيابٌ لهم الى جوٍّ سِحريٍّ من حلُم حَيٍّ يعيشونه حقيقةً فيفرحُون به
ويَفرحُ معهم أهلُهم الذين يشاركُونهم حلماً لم يكن في مقدورهم
تَحقيقُه لهم.
إنّ لتحقيق أمنية الأولاد المرضى تأثيراً منعِشاً مباشَراً على حالتَيهما معاً: النفسيّة والجسديّة.
جمعية “تَمَنَّ” التي تستقبل المرضى بين الثالثة من العمر والثامنة عشرة تطرح عليهم سؤالاً واحداً: “لو كان لك أن تحقق أمنيةً واحدة، ما تكون أمنيتك”؟ ويروح الأولاد المرضى يتمنّون: أن يكونوا، أن يقابلوا، أن ينالوا، وأن يذهبوا.
من هنا يعود الشكرانُ مضاعفاً بالدعاء العميق، كعبارة والد الطفلة نور حين قال: “أعطيتُم طفلتي السعادة، لا لنهارها على الثلج، بل للبقية الباقية من حياتها”، أو كعبارة والدة قالت: “منذ عَلِمَ ولَدي بأنكم ستحقِّقون له أمنيتَه، لم تغادر وجهَه البسمةُ الصَّبوح”، أو عبارة والدة أخرى قالت: “شكراً على منْحِكُم إيانا الفرح في أحلك ساعاتنا الأليمة”.
والسعي الى تحقيق أحلام هؤلاء الصغار المرضى، ترفدُه بادرةُ داعمِين ومساهمِين ومتبرّعِين يَجعَلون عملَ الجمعية مُمكنَ التحقيق، وهو نبلٌ آخرُ يَحمل لحظاتِ السعادة لـمَن في حاجةٍ الى ومضةِ أملٍ في نفق اليأسِ الطويل.
هي ذي لَمسة الإنسان للإنسان: “يدَكَ يا أخي، ولْنَتَخَاصَر، وَلْنَتَكاتَفْ، وَلْنَتَعاوَنْ، من أجل أن يكونَ الحزنُ أقلّ والفرحُ أكثر، فليس أجمل من الحلم إلا تحقيق الحلم، وأجملُ الأجمل أن يتحقَّق حلْمُ من كانوا لا يَحلمون بأن يُحقّقوا حلماً، حتى إذا تَحقَّق صار الحلمُ حياً فَتَحْلَولي الحياة”!!! وهذه بادرةٌ لا عَلاقةَ لها بنظامٍ ولا بدولةٍ ولا بمنظومة سياسية وإنّما بإنسانيةِ الإنسانِ كي يَظَلَّ للحياة معنىً، ويظَلَّ الفرحُ الآتي أنشودةً لنا كي نظل نتمنى ونسعى الى تحقيق ما نتمنى فتصبح الحياة حلماً موصولاً بالأمل الطالع من لحظة التمني الى لحظةِ واقعٍ جميلٍ كالحلم الجميل.