هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

889: حين الأغنية “الملتزمة”… في خدمة الإنسانية

الحلقة 889: حين الأغنية “الملتزمة”… في خدمة الإنسانية
الأربعاء 17 آذار 2010

من الإجحافِ اعتبارُ الأغنية مقطوعةً ترفيهيةً أو تسلويةً أو وصلةً عابرةً في الوقت المستقطَع. فللأغنية دورٌ هادفٌ حين هي ذاتُ رسالةٍ يعرف شاعرٌ أن يطرّزَها، وملحِّنٌ أن يُمَيْلِدَها (أي يُلْبِسَها الميلوديا)، وصوتٌ أن يؤديها رسالةً إنسانيةً هادفةً، موقظةً مشاعرَ تُحرّك الإنسان في الإنسان. وهذه هي الأغنية الملتزمة، وهو غير الالتزام السياسي أو العقائدي الذي تُكتَب له الأغاني.
من هذا الفن الملتزم، ما سيحصل هذا السبت (الـ20 من هذا الشهر: “اليوم العالمي للفرنكوفونية”) في الذكرى الأربعين (1970-2010) لنشوء “المنظمة الدولية للفرنكوفونية”، وشعارُ احتفالاتِها هذا العام: “التَّنَوُّعُ في خدمة السلام”، إذ تنطلق أغنية “معاً” التي كتَبَتْها ولَحّنَتْها وتؤدّيها عازفة الأكورديون السويسرية سيلينا رامْسَاوِر، وهي مغنّية ملتزمة بقضايا الإنسان، أصدرَت سنة 2003 أَلبومها “بلا حدود”، وسنة 2006 أَلبومها “معاً أبعد من كل حدود”، وهذا العام تُطلق أغنيتَها “معاً”، لتكون “مرآةً ثقافية وتربوية وحضارية تعكس غنى التغايُر لدى الشعوب والدول الأعضاء في المنظَّمة الفرنكوفونية العالمية”.
وأبعدَ من أن تكون “معاً” مُجرد أغنية وحسْب، أعلَنَتْها صاحبتُها مهداةً الى جميع المغنّين في العالم كي يتبنَّوها بحسب هُويّاتهم الثقافية، ويؤدُّوها في لغات بلدانهم المختلفة، لأنها أرادتْها “نداءً الى تمتين العلاقات بين البلدان، وتجسيداً لقيَم احترام المساواة وحوار الحضارات، وهي نفسُها قيَمُ الفرنكوفونية”.
ها هي الأغنيةُ إذاً: رسولةُ السلام بين الناس، أغنيةٌ ملتزمة لا بإيديولوجيا ولا بسياسة ولا بانحياز ولا بفئوية تحريضية، بل ملتزمة بالإنسان، في خدمة الإنسان، داعيةًَ الى “السلام من خلال التنَوُّع”، وهي هذه رسالة الفن العالي: أن يكون جامعاً أطراف العالم على السلام الفردي والجماعي، والسلْم في القلوب والنفوس، وُصولاً الى السلْم بين الدُّول.
وتأكيداً على رسالة الأغنية الملتزمة بالإنسان، ترجمتُ لِمستمعي “نقطة على الحرف” مقاطعَ من أغنية “معاً”، جاء فيها:
“أُنْظُرْ: لسنا شبيهَين، ومع ذلك تُشرق الشمس عليكَ وعليّ!
أُنْظُرْ: لنا البسمةُ نفسُها حين نتماسكُ يداً واحدةً على الطريق الواحد… نرغب في الحياة… نرغب في الحرية…
نرغب أن نكون خِفافاً ومقبولين، وأن نحيا معاً جميع مغايراتنا أجساداً ومعاني، ونكونَ معاً على إيقاعٍ واحد…
أُنْظُرْ: ليس في عمق عيوننا سوى الحاجة الى النور لا الى الظهور…
أُنْظُرْ: تحت الأصابع الوجيعة قوةٌ وحيويةٌ ورغبةٌ مستمرّة…
أُنْظُرْ: رغباتُنا هي طريق حياتنا…
وصراعنا الوحيد على هذه الأرض:
الرغبة في الحياة، الرغبة في الحرية،
الرغبة في أن نكون خفافاً ومقبولين،
الرغبة في أن نكونَ معاً… معاً… وأن نسيرَ معاً، يداً واحدةً، على الطريق الواحد !!!”.