هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

871: قمرٌ أزرقُ في العام الجديد

الحلقة 871: قمرٌ أزرقُ في العام الجديد
الأحد 3 كانون الثاني 2010

مع فجر كلّ عامٍ جديد، تنهال توقُّعات المنجِّمين وخبراء الفَلَك والأبراج، كتُباً ومقالاتٍ ومقابلاتٍ تلڤزيونيةً وإذاعية، ويلهفُ القرّاء والمستمعون والمشاهدون الى متابعة أبراجهم وحظّهم وما يُحبّون أن يعرفوا عن مصيرهم في هذا العام الجديد.
منتصف ليل الخميس/الجمعة، فيما العام الجديد يطل بخطواته الأولى، شهد نصفُ سكّان الكرة الأرضية خسوفاً كاملاً للقمر، فيما شهد النصف الآخر من السكان قمراً كاملاً في وجه الفضاء، وهو ما سَمَّاه العلماء “القمر الفيروزيّ الأزرق” (كنتُ أَشَرتُ إليه الأسبوع الماضي في “نقطة على الحرف” – الحلقة 868 – لنهار الأربعاء 23 كانون الأول).
ظاهرة القمر الأزرق علميةٌ بحتة يقصد بها العلماء قمراً كاملاً يطلّ بدراً خارج دورة القمر الاثنتي عشرية، ليكون قمراً إضافياً يكتمل مرتين أو ثلاثاً خلال العام، ويسمّى “القمر الأزرق” تمييزاً له عن القمر العادي الذي يكتمل بدراً كلّ شهر.
العالِم الأميركي فيليپ هيسْكُوك أوضح ظاهرة القمر الأزرق في مقال بعنوان “مرةً كل قمر أزرق” نشَرَتْه سنة 1937 مجلة “روزنامة مزارعي ماين”، ذكر فيه أن قلّة ظهورِهِ في السنة تجعل ظهورَهُ حدَثاً غيرَ عادي حتى ليقال “مرةً كلَّ قمرٍ أزرق” لِمَا لا يحصل غالباً في حياة الإنسان اليومية أو الشهرية أو السنوية. وهو ما عادت فأوضحتْه الخبيرة الأُخرى مارغريت ڤاڤْرِك (من جامعة تكساس) بتحديدها الأشهرَ القليلة التي يظهر فيها هذا القمرُ غيرُ الدَّوري، قاطعةً كلَّ طريق على منظّري الأبراج والمنجِّمين الذين يغزلون قصصاً وحكاياتٍ وأساطيرَ تنظيرية، بينما الطبيعة واضحة صارمةٌ في دورتها المهندَسَة المتناسِقَةِ بِجَمال.
وفي العدد الأخير من المجلة الأميركية الشهيرة “الفضاء والتلسكوپ”، ثَبْتٌ بظهور هذا القمر الفيروزيّ الأزرق بين هذا العام الجديد 2010 والعام 2016، بتحديد النهار والأسبوع والشهر لكل عامٍ مقبل سيظهر فيه هذا القمرُ النادر.
غير أن “القمر الأزرق” هو أيضاً قمرُ الشعـراء والعشاق، ينْهَدُون إليه رمـزَ الحب النادر غير العادي الذي ينتظرونه يأتي – لا مرةً إضافيةً في الشهر أو الفصل أو السنة – بل مرةً واحدةً وحيدةً في العمر، لـنُدْرة ظُهوره في فضاء العمر، حتى إذا قيل “يأتي الحب مع القمر الأزرق” كـان القصدُ منه وصولَ الحبّ النادر الوحيد المنتظَر كلَّ العمر لأنه لا يأتي سوى مرةٍ واحدةٍ وحيدةٍ في العمر.
من هنا شهرةُ الأغنية العالَمية “القمر الأزرق” تُغنّيها إِيْلاَّ فيتزجيرالد وتقول: “أيها القمرُ الأزرق، رأيتَني واقفةً وحدي بلا حلم في قلبي ولا حُبٍّ يغمرني، فعرفتَ مَن أنتظر وسَمِعْتَني أصلّي ليأتي مَن يُحبُّني. وفجأةً ظهر أمامي مَن تُقْت طويلاً الى معانقته، وسمعتُ مَنْ هَمَسَ لي: “أَحِبّيني”. وحين نظرتُ الى القمر رأيتُه استحال قمراً ذهبياً. من وقتها لم أَعُد وحدي بلا حلم في قلبي ولا حبٍّ يغمرني. ومن وقتها وأنا أعيش الحبّ، أيها القمر الأزرق”.
***
و… كلَّ عامٍ وقلوبُكُم تغمرُها دائماً أشعّةُ القمر الأزرق.