هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

866: تغيّر المناخ بين القادة والقاعدة

الحلقة 866: تَغَيُّر المناخ بين القادة والقاعدة
الأربعاء 16 كانون الأول 2009

في مطار كوپنهاغن (لدى وصول الوفود الرسمية للمشاركة في قمة المناخ المنعقدة هناك منذ 7 حتى 18 الجاري) استقبلت المشاركين لافتاتٌ كبرى على جدران المطار، لصور الرئيس الأميركي باراك أوباما والفرنسي نيكولا ساركوزي والروسي ديمتري بلڤيديڤ والبرازيلي لولا دي سيلڤا، ورؤساء حكومات كندا ستيفن هاربر وإسبانيا خوسيه زاپاتيرو وإنكلترا غوردون براون وبولونيا دونالد تاسك، والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركِل، وعلى كل لافتة صورة للشخص سنة 2020 بالشعر الأشيب وتجاعيد الشيخوخة، وتحته عبارة “آسِف. كان يمكننا أن نوقف كارثة تَغَيُّر المناخ. لكننا لم نفعل”.
صدرت هذه البادرة عن أعضاء منظمة “غرين پيس” العالمية، أرادوا منها التوعية على أهمية هذه القمة التي يعقدها ممثلو 192 دولة من دول الأمم المتحدة، لتدارك أخطار تغيُّر المناخ وتنبيههم الى ألاّ تكون نتائج قمتهم تنظيراً لفظياً دون إجراءات عملية وفورية وسريعة لتدارك ما يُحيق بالكرة الأرضية من أهوال وكوارثَ ومآسٍ وفواجع يسبِّبها تغيُّر المناخ وتستدعي إجراءات عاجلة، أهمُّها اتفاقات مشتركة في ما بين دولِهم لتحقيق هدَف مُنْقذٍ فعّال.
ولهذه الغاية تحرك 44 عنصراً من شباب وصبايا منظمة “غرين پيس” من 16 دولة في العالم فاعتصموا وتظاهروا وزاروا سفارات الدول المشاركة في كوپنهاغن لِـحَثّ قادة هذه الدول على اتّخاذ إجراءات عملية عملانية لإنقاذ المناخ.
وكرّر الناشطون التنبيه الى أن العقد الحالي مهدَّد بأن يكون أكثر العقود جفافاً وقيظاً منذ بدء تسجيل الحرارة سنة 1850، وحتى ألاسكا والدول الباردة لن تنجو من هذا الخطر، فكيف بدول حارَّة أصلاً كما أفريقيا وسواها؟
الصحافة العالمية استقبلت بادرة اللافتات في مطار كوپنهاغن باهتمام كثير، وعقّبت عليها بتحذير القادة المجتمعين من ختام القمة بدون إجراءات حازمة حاسمة جازمة.
الشاهد من هذا الحدث أن لن يُقبَلَ اعتذار القادة سنة 2020 لكونهم لم يتمكنوا من أن يفعلوا شيئاً لتغيُّر المناخ، بل من واجبهم أن يفعلوا، ولا يمكنهم إلا أن يمكنهم التحرك الفاعل والميداني.
ومن تحركات الهيئات المدنية الناشطة، يتّضح ألاّ يكونَ الاتّكال على البنْية الفوقية وحسب، فعلى القاعدة واجبات كذلك، بل واجباتٌ أَوْلى للمحافظة على البيئة والمناخ بعدم التعدّي على الطبيعة والمناخ، في تدابير شعبية واقية، كتجنُّب رمي النفايات، والتسبُّب في الانبعاثات الكريهة الضارّة والحرائق وخسارة المساحات الخضراء وقَطْع الأشجار عشوائياً وانتهاك الأرض والفضاء والمحيط بتجاوزات وتصرفات لن تفيد معها إجراءات القادة إن لم يكن في نفْس كل مواطن مُنبِّهٌ ووازعٌ من ضمير.
القاعدة تضغط على القادة؟ صحيح. لكنّ على القاعدة واجباتٍ يجب أن تقوم بها كي تساعد القادة على تنفيذ إجراءاتهم، وإلاّ بقيَت إجراءات القادة حبراً على ورق البيئة، واستمرّت انتهاكات القاعدة حِبراً مسموماً يُدمّر كلَّ بيئة.
وعندها لن يعود ينفع أيُّ ندم.