هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

851: … لكي نظلَّ نستاهلُ نجمة بيروت

الحلقة 851: … لكي نظلَّ نستاهلُ نجمة بيروت
الأحد 25 تشرين الأول 2009

لم تكد شمسُ الألعاب الفرنكوفونية تَغرُبُ عن شط بيروت بعدما استقطبت إلينا أنظارَ العالم، حتى أشرقَت على بيروت هذا الأُسبوع شمس “معرض الكتاب الفرنكوفوني السادس عشر” حاملاً إلينا 150 كاتباً و30 ناشراً و70 عارضاً، وآلافَ الكتب الجديدة الفرنسية الصادرة في لبنان وفرنسا ودول فرنكوفونية أخرى، في عرسٍ للكتابِ غيرِ عاديّ، تعرفُه بيروت تماماً، هي المتوَّجَةُ هذا العام “عاصمةً عالَمية للكتاب”.
وبعد أسابيعَ قليلةٍ ستشهدُ عاصمتُنا الغالية “معرضَ بيروت العربي والدولي للكتاب” في دورته الثالثة والخمسين.
وتَحفَل بيروت كلّ يوم بأنشطةٍ للكتاب تمتدُّ الى كلّ لبنان: قراءاتٍ وأمسياتٍ ومحاضراتٍ وندواتٍ وتواقيعَ وجوائزَ وأعلاماً بِما لا يَحصُرُه عَدّ.
وتتقاطر يومياً إلينا بطاقاتُ دعوةٍ الى احتفالٍ أو ورشة عمل أو كونشرتو أو أمسية موسيقية أو سمفونية أو مؤتمر أو معرض أو ندوة أو احتفال تكريم أو إحياء ذكرى أو طاولة مستديرة أو سهرة أدبية أو فنية، أو مهرجان أدبي أو فكري، وسائرِ ما يطالعه المواطنون في الصحف غداةَ تاريخه، أو يشاهدونه على شاشاتهم مساءَ حدوثه.
والى ما في هذه الاحتفالات من طابع يغلُب عليه الثقافيُّ، وأحياناً يُخالطه الاجتماعيّ، نقطف منه ظاهرةً مفرحةً أعادت بيروت تَعُجّ بأنشطةٍ يومية متعدِّدة متنوعة تُرجِعها (كما كانت قبل سنوات الجمر) عروسَ هذا الشرق الذي كانت له بيروت تاجاً على رأْسه، ونُوراً في عقله، وعلامةَ ضوءٍ باهرٍ فريدةً في إرثه الإبداعي.
يقودُنا هذا الكلام الى وعي أنْ هذا هو دَورُ بيروتَ الحقيقيُّ، من أقدم العصور، منذ أخذت تتعاقب على أرضها الحضارات تترى تَتَتَالى في شهادات وآثار ظهرَت الى الشمس حين حَسَرَت عن صدرها مؤخَّراً بيروت، لتكونَ عاصمةً للبنان الحضاري والثقافي والفكري والإبداعي، لا لِهذا العام وحسْب، بل لكلّ عام.
وحين نعاينُ شغفَ الغير ببيروت، أدباءَ وفنانين ومبدعين من كل حقل، يُبدون إعجاباً ببيروت يعادل أحياناً إعجابنا بها، فإنما بِهذه البيروت يُعجَبون ونُعجب، بيروتَ التي تشدُّ إليها السياحة المستدامةَ السياحيّة والثقافية والتاريخية والأثرية والدينية والاجتماعية والصحية والعلمية، ومنها تتَّسع سياحةً مُماثلةً الى كلّ لبنان.
الى هذه البيروت نَحن ننتمي، بيروتَ الزمن المجيد ماضياً وحاضراً واستشرافَ مستقبل نُهيِّئُه لأولادنا منذ اليوم وعياً على بيروت التي هي نَجمةُ لبنان ونَجمةُ الشرق، وواحةُ الحرية في هذه المنطقة من العالم.
فَـلْـنَـعِ هذه الحقيقة الباهرة، وَلْنُعَمِّقْها في وجداننا ذُخراً يومياً يَشُعُّ في ضميرنا نَجمةً تضيءُ لنا الدرب الآتي.
هكذا نستاهل أن نكونَ أبناءَها، بيروت، وأن تُضيءَ علينا، برعايتها وحنُوِّها، نَجمةُ بيروت.