هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

849: متعة التكنولوجيا: “القارئ الإلكتروني”

الحلقة 849: متعة التكنولوجيا: “القارئ الإلكتروني”
الأحد 18 تشرين الأول 2009

للقراءة مَعْبَران رئيسَان: الإرادة والوسيطة. فإذا توفَّرت الإرادةُ لَبَّتْها الوسائط. أما إذا لم تتوافر الإرادة فعبثاً تنبسط الوسائط أمام قارئٍ يفضِّل تمضية وقته أمام شاشة التلفزيون أو الإنترنت.
وإذا كان الكِتاب هو الوسيطة الأولى التقليدية العادية، فالوسائط تعدَّدت بلا حدود. منها مبادرة الأونسكو الى إصدار “كتاب في جريدة” (كي يكونَ النصّ في متناول قرَّاء الصحف وهم أكثر من قرّاء الكتاب من المكتبة)، ومنها الكتاب المسلسل في الجريدة (يتابعه قراؤُها عدداً بعد عددٍ، كَمَن يتذوَّق الطيِّبَ لقمةً بعد لقمة فلا يُتْخمه الوقت الطويل لإنجاز الكتاب في شكله الكامل)، ومنها “الكتاب المسموع” الموضوع على قرصٍ مدْمَج (سي.دي.) (يتيح للمتلقّي أن يسمع النصّ في سيارته، أو خلال مزاولته رياضة المشي الصباحي أو المسائي، أو خلال مزاولته الرياضةَ في النادي، أو وهو في الطبيعة مسترخٍ في سويعات راحة، أو في بيته يتابعه مع آخرين في صالونه أو زيارته.
ومنها ما صدر مؤخراً كأحدث ابتكارات التكنولوجيا: “القارئ الإلكتروني” (e-reader) وهو جهازٌ صغير يُتيح إنزال جميع الكتب الرقمية المحوَّلة إلكترونياً (وما أكثرَها) فيتابع المتلقّي قراءة هذه الكتب أمامه، في الطائرة وهو مسافر، أو في صالة القراءة، أو في مكتبه أو في أيّ مكان آخر لا يتيح له حَمْلَ عددٍ من الكتب دفعةً واحدة كي يقرأَها، فيُنْزِلها الى شاشته الصغيرة في جهاز “القارئ الإلكتروني” ويحمله معه، خفيفاً في حجم الجيب أو أكبر قليلاً، وفيه عدد كبير من الكتب، يختار منها ما يرغب في قراءته، ثم يمحوها ويُنزِل غيرها لأن الجهاز يستوعب عدداً من الكتب في حجم مكتبة.
ويتمتّع هذا الجهاز بفضائل خمس، هي: 1) سهولة استعماله وتقليب صفحاته وتقديمها أو تأخيرها أو العودة الى أيّ صفحة في أيّ وقت، 2) طواعيةُ استخدامه لاختيار أيّ كتاب منه بسرعة، 3) سهولة تنزيل الكتب إليه من أي مصدر أو موقع إلكتروني متخصِّص للكتب، 4) احتواؤُه على أي حجم كبير أو ضئيل من الكتب، ثم 5) تحمُّل الجهاز وقتاً طويلاً للتشغيل قبل شحن بطاريته.
وتتسارع دور النشر الإلكترونية، وعلى رأسها دار “أمازون” الإلكترونية الشهيرة، الى تحويل كثيرٍ من كتبها إلكترونياً، فيسهل على المتلقّي شراؤُها إنترنتياً، وتنزيلُها في جهاز “القارئ الإلكتروني”.
ويَرُوْجُ هذا “القارئ الإلكتروني” اليوم في الغرب خصوصاً في الأوساط الأكاديمية والجامعية، عدا آلاف القراء الذين يحملونه معهم في أسفارهم وتنقُّلاتهم الطويلة، كي لا يَهْدُروا وقتَهم وعمرَهم على الطريق بلا فائدة.
إن أمام قارئ القرن الحادي والعشرين وسائط سمعية بصرية تَجعلُه قارئاً عصرياً يغرف من منابع العصر مطالعاتٍ سائغةً مُمتعة عبر الكتاب الرقمي، في قراءات متعدّدة تتوازى مع الكتابات المتعددة.
وسائطُ لا تنتهي!!! وسائطُ متعدّدة لقراءات متعددة، ولكن المهمّ الإرادة: إرادة الإرادة، إرادة التلقّي، إرادة التثقُّف.
هكذا ننقذنا من ميوعة الوقت الطاحنِ هذا العمرَ، نغنيه بالمطالعة المتعددة الوسائط إنما الوحيدة الإرادة.
فلتبادِر مؤسسات النشر العربية الى مواكبة العصر بالوسائط الإلكترونية الحديثة، لتقرّب المطالعة الممتعة من القارئ العربي الذي يخيِّب تقريرُ الأمم المتحدة عنه أنه في عالَمٍ عربيّ يُصدر في السنة نحو 5600 كتاب، وأنّ معدّل القراءة للقارئ العربي الواحد هو… ربع صفحة في السنة.