هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

841: أيها السياسيون… اتّعظوا من العقوبات الرياضية

الحلقة 841: أيها السياسيون… اتَّعظوا من العقوبات الرياضية
الأحد 20 أيلول 2009

إذا كانت الروحُ الرياضية شعاراً في التعامل بين الناس، والأخلاقُ الرياضية نموذجاً يُحتذى في كل موقف أو حالة، ففي مقابِلِهِما عقوبةٌ رياضية لا تقلّ حزماً ولا عزماً ولا حسماً ولا سُموَّ شأنٍ عن سُموّ الروح الرياضية والأخلاق الرياضية، وهي عقوبةٌ لا تعرف مساومةً ولا تسوية ولا أسماء رياضيين لامعين في الملعب تشفَعُ لَهم شهرتهم أو نجاحهم أو مراتبهم العالمية.
والدليل ما حصل الأحد الماضي على ملعب كرة المضرب في نيويورك، إذ غَرَّمت اللجنةُ التحكيمية هناك لاعبةَ المضرب العالمية الشهيرة سيرينا وليامز بمبلغ عشرة آلاف دولار، لتصرُّفٍ “غير رياضي” صدَر منها في مباراة افتتاح الدورة العالمية الجديدة لكرة المضرب، إذ رفعَت صوتَها عالياً معترِضة على الحَكَم، رافضةً تحكيمه. وهذه أعلى غرامة متاحة في هذه اللعبة، أضيفت إليها غرامة أخرى من خمسمئة دولار تحصيلَ شرف للمِضْرَاب الذي، من حَنَقِها، ضرَبَت به الأرض وتمتمَت كلماتِ غضبٍ غيرَ مفهومة.
ولا تقف العقوبةُ هنا وحسب، بل اجتمعَت اللجنة العليا لمباريات هذه الدورة العالمية، للنظر إذا كانت ستتيح لسيرينا، ابنةِ الثامنة والعشرين ربيعاً، مواصلةَ لعِبِها مبارياتٍ في هذه الدورة التي تتيح لها الاشتراكَ لاحقاً بالدورة العالمية المقبلة في أستراليا سنة 2010، وهذا قلقٌ كبير لسيرينا الـكانت بطلةَ العالم لسنتي 2002 و2003، وظلّت الأولى في العالم طَوالَ ستةٍ وخمسين أُسبوعاً متتالياً، وحقّقت أرقاماً قياسية غيرَ مسبوقةٍ في هذه اللعبة.
هكذا لم تعصُمْها نجاحاتُها ولا شهرتُها من عقوبة لجنةٍ تحكيميةٍ قد تحرمها فرصةَ العمر باستعادة المرتبة الأولى في دورتَي الولايات المتحدة وأستراليا العالميّتين.
هذا لنقول إن التقليلَ من احترام القواعد والقوانين يؤدّي الى صرامةٍ قاسية في دفعِ ثمنِ خطإٍ قد يتوسّع ليصبح خطيئة. فاللجنة التحكيمية الرياضية اعتبرَت أن سيرينا لم تقلِّل من احترام اللاعبين وحسْب، ولا من قانونِ اللعبة وحسب، بل قلَّلت من احترام الجمهور الذي يشاهد المباراة، وتالياً قلَّلت من احترام الأخلاق الرياضية.
فيا حبّذا لو يقتدي السياسيون هكذا، باحترام الأخلاق، فيرتدعون عن تقليل احترامِ بعضِهم البعض، وتالياً تقليلِ احترامِ الشعب، ومن ثم تقليلِ احترام الوطن، هذا الوطن الذي شعبُهُ يوصِلُهم الى سُدّة الحكم فيخونون الشعب، ويخونون الوطن، ويخونون الأخلاق التي بدونها لا وطنٌ، ولا شعبٌ، ولا حُكْمَ يصلُحُ في أَيِّ زمانٍ وأَيِّ مكان.