هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

840: من خُطوطهم تعرفونَهُم

الحلقة 840 : من خُطوطهم تعرفونَهُم
لـيوم الأربعاء 16 أيلول 2009

مع أن الكومپيوتر يكاد يكون في كل بيت، كجهاز التلڤزيون والهاتف، وحلّت مكابسُه مكان القلم، فما زال المخطوط على قيمةٍ متناميةٍ في العراقة، خصوصاً آثارٌ كتبها بخطهم مبدعون في كل حقل فباتت لمخطوطاتُهم قيمة تاريخية بعضها لا يقَدّر بثمن.
وهذا ما يفسر الحرص على مخطوطات الكتّاب، وموسيقيين يهلل المعنيون عند اكتشاف مخطوطة من بضع نوطات بخط صاحبها.
ذلك أن الخط يعكس نفسيةَ صاحبه ومزاجَه وجُزءاً كبيراً من شخصيته، كما حللت مؤخراً دراسةٌ وضعتها الباحثة الأميركية في الخطوط كاثي ماك نايت، أثبتت فيها أن الخطوط طريقٌ الى اكتشاف نحو خمسة آلاف سمة للشخصية الإنسانية.
ومن تحليلاتِها أَنْ إذا مال الخط نَحو اليمين فصاحبُهُ منفتحٌ على الآخرين واجتماعيٌّ دمث، وإذا مال الخط الى اليسار فصاحبه ميَّالٌ الى العزلة والعمل الصامت، وإذا كان مستقيماً فصاحبه منطقيٌّ وعقلانِيٌّ ويعرف كيف يضبط مشاعره.
ومنها أَنْ إذا كانت حروف الخط كبيرة فصاحبه ذو شخصية قوية ويحب البقاء تحت الأضواء (كالكثيرين من الأعلام في العالم)، وإذا كانت الحروف صغيرةً منمنمةً فصاحب الخط تركيزيٌّ دقيقٌ وقد يكون على خفر أو باطنية. وإذا كانت الحروف عادية فصاحب الخط معتدل في آرائه وشخصيته.
ولتحليلٍ أوضح، وضعت كاثي ماك نايت خمسة معايير، حدَّدَتْها كالآتي:
1) إذا كان الخطُّ باهتاً فعلى صاحبه أن يصحِّحه بالضغط أكثر على القلم ولو اضطره ذلك الى إيلام إصبعيه.
2) إذا كان الخطُّ صاعداً على الورقة أو نازلاً، فعلى صاحبه أن يستعمل ورقة مسطَّرة تحت ورقته البيضاء كي يستقيم سطره فتستقيمَ نفسيتُه ويصحّح مزاجَه وشخصيتَه بتصحيح خطه.
3) إذا كان الخط غير مستقيم على الصفحة، فعلى صاحب الخط أن يسوِّي زاوية الورقة من فوق حتى تأخذ أسطرُهُ سَويةَ الورقة فتأتي خطوطُه مستقيمة.
4) إذا كانت الكلمات متباعدة فتضيع المسافات، أو متقاربة فتتداخل الحروف، على صاحب الخط أن يتخيّل حرف الهاء المقفلة بين كل كلمة فتستوي المسافات بين الكلمات لا متقاربة ولا متباعدة.
5) لكل صاحب خطٍّ حرفٌ أو اثنان لا يطاوعانه خلال الكتابة باليد، لذا عليه أن يكتب ذاك الحرف أو ذينك الحرفين على انفراد مراتٍ عدةً قبل شروعه في الكتابة، حتى تستوي الحروف جميعاً الى كتابة سوية.
هكذا يمكن صقل الشخصية بِمجرّد التأني في الكتابة حتى تكون الكلمات من يد صاحبها عاكسةً طبيعيةً تلقائيةً لشخصيّته التي لا بُدَّ يَحرص على إظهارها بشكلها الأفضل.
من هنا ضرورةُ التزام الكتابة باليد، ولو قليلاً، وعدمُ الانصراف الكامل الى مكابس الكومپيوتر ذات الحروف الجامدة الجافة الحيادية المتشابِهة كأسنان المشط بدون شخصية لِمن يكتب بِها.
وما أحوجَنا، بعد سنواتٍ، الى مَخطوطاتِ كبارِنا والأعلام، حين ستكون آثارُهم جميعُها من ثِـمار مكابس الكومپيوتر.