هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

836: كيف أسمعُ بيروت… بأقلامهم؟

الحلقة 836: كيف أَسمَعُ بيروت… بأقلامهم؟
الأربعاء 2 أيلول 2009

بعد إطلاق الكتاب الصوتي “أسمع بيروت بأقلامهم” (الاثنين أول من أمس)، لَمَستُ وعياً متنامياً على جِدَّة الظاهرة بِحفظ بيروت في السمْع عبر وسيطة الكتاب المسموع، الى جانب حفْظها عبر الكتاب المطبوع.
وإنها ضالعةٌ في الإفادة، هذه الظاهرة التي تجعل الكتاب الصوتي (بأسطوانته المسموعة) رفيقَ المتلقي في حالاتٍ عدّة لا يُمكنه معها استعمالُ الكتابِ المطبوع. وهو ما جعل هذه الظاهرة ذاتَ رواجٍ في الغرب كبير، منذ انطلاقها قبل أكثر من ربع قرن، نظراً لفائدة الكتاب المسموع الذي انطلق، أُسطواناتٍ ومواقعَ إلكترونية متخصِّصة، لغاياتٍ نبيلةٍ، منها إيصالُ النص الى من تَحجُبهم عن القراءة عاهةٌ أو إعاقة، ومنها تسهيلُ “قراءة” الكتاب “سَمعياً” في السيارة (خصوصاً خلال زحمة السير)، أو خلال رياضة المشي، أو التمارين الرياضية في النادي، أو النّزهة في الطبيعة. وبعدما كانت رفيقةَ المستمع أسطوانةُ الموسيقى والأغاني فلتكن رفيقَتَه أيضاً بعد اليوم أسطوانةُ الكتاب المسموع.
ولأن عاصمتَنا هذا العام هي العاصمة العالمية للكتاب، كان البدء بكتابٍ مسموعٍ عن بيروت، يكون لبنانُ فيه رائداً كما هو رائدٌ في نَواحٍ أخرى إبداعيةٍ وثقافية، فيروج “الكتاب المسموع” في لبنان مثلما هو رائج في الغَرب، لاتساع فرص الإصغاء حين يلقيه صوتٌ مُحترف يُشدِّد على كلماتٍ معيَّنةٍ في النص، ويؤدّي العبارات بشعورٍ ملوَّن، وبقراءةٍ فيها تشويقٌ للمتابعة، ويعطي نَبرةً إلقائيةً على معانٍ قد تفوت القارئ عند قراءته الصامتة في الكتاب. ففي السمْع شعورٌ بالتلقّي لا يبلغ القارئَ في قراءته الحيادية. السمْع يُدخِلُُ الى ذاكرة المصغي ما لا تُدخله عين القارئ. الصوتُ ينده المصغي ويُبقيه يقظاً، بينما العينان لا تشدّانه الى انتباهٍ متواصل.
بعد إطلاق هذا الكتاب المسموع “أسمع بيروت بأقلامهم”، نستشرف أن تتّسِع ظاهرتُهُ الى إصدار “كتب مسموعة” أخرى لروائع الأدب اللبناني في كتب مسموعة تَحمل نصوصاً كاملةً الى مساحةٍ أوسع من المتلقين. وتتعمّم فائدة “الكتاب المسموع” أكثر، حين تستخدمه المدارس في الصفّ، بُلوغاً الى فوائد عدّةٍ (النص في ذاته، طريقة الإلقاء، قواعد اللغة، مَخارج الحروف، نبْرَة الوقف،…) ما يَجعل “الكتاب المسموع” حاجةً تربوية وتعليمية تتنامى وتتعمّم بين التلامذة الى جانب “الكتاب المطبوع”.
تلك كانت وردتَنا الى الحبيبة بيروت، نَجمةِ الأزرق المكتنِزةِ فكراً وحضارةً لا الى غياب.
تستاهل بيروت بعد، تستاهل كثيراً. وتستاهلُ التفاتةَ العالم كلِّه صوبَها هذا العام، عاصمةَ الكتاب الذي وُلِد على شواطئنا، ومنها أَبْحر الى أصقاع الدنيا يُؤَبْجِد العالَم.