هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

834: أين أنجيلا مركِل لبنان؟

الحلقة 834: أين أنجيلا مركِل لبنان؟
الأربعاء 26 آب 2009

أنشأت مجلة “فوربس” الأميركية ملحقاً للمرأة خصَّصَتْهُ لسيِّداتٍ مؤثِّراتٍ في حقول الأعمال والسياسة والمؤسسات المدنية في العالم. ونشرَت في ملحقها هذا الأُسبوع تحقيقاً بعنوان “أقوى مئة امرأة في العالم” ذوات تأثير في عملهنّ، بصرف النظر عن الشهرة أو الشعبيّة. واختارت المجلة سيداتٍ قائداتٍ في بلدانهن، أو رئيساتِ مجالسِ إدارة، أو مديراتٍ عاماتٍ في مؤسساتٍ كبرى. وتَمّ اختيارُ كلِّ سيّدة على قاعدتين: بُعْدُ رؤيتِها في منصبها، وحجمُ البلاد أو المؤسسة التي تديرها.
تصدَّرَت اللائحة مرةً رابعةً للسنة الرابعة على التوالي أنجيلا ميركل (المستشارة الألمانية التي تدير رابع أقوى دولة اقتصادية في العالم)، تَلَتْها سيّداتٌ تَميّزن بقيادتِهنَّ بلدانَهُنّ أو مؤسساتِهِنّ في ظروف اقتصادية وسياسية صعبة جداً وتَمكَّنَّ من عبور الأزمات الحادة وإيصال الوضع إلى العادي بل الرابح والمنتج والفعال. واللافت في هذه الاختيارات أن تلك السيّدات يَقُدْنَ بلداناً كبرى أو شركاتٍ هائلة تضمُّ آلاف الآلاف من الموظفين والعمال والشركاء والمتعاملين.
الشاهد من هذه المقدِّمة أنَّ للمرأة في العالم دَوراً ريادياً وقيادياً في مناصبَ ومسؤولياتٍ عالمية. فأين مكانة المرأة اللبنانية في القيادة والريادة؟
إن حدودَ المرأة اللبنانية لا تقتصر على هيئاتٍ نسائية وجمعياتٍ نسائية وتجمُّعاتٍ نسائية تنحصر أعمالُها وطموحاتُها في أمور محليّة محدودة، أقصاها وصولُ المرأة إلى مقعدٍ نيابي أو وزاري، أو مسؤوليةٍ إدارية، وأنشطتُها احتفالاتٌ خطابية وحفلاتٌ اجتماعية ومعارضُ أشغالٍ يدوية وحِرَفيّة ومطالبةٌ بالحقوق والجنسية لأولادها ولقاءاتُ تبرعاتٍ خيرية ومطالباتٌ برفع الغبن عنها وندواتٌ عن الجندرة والعنف الأُسريّ، ومطالبةُ الرجل بالكوتا السياسية والبلدية.
حضورُ المرأة اللبنانية واضحٌ في المجتمع مع الرجل، فهي تتلقّى التعليمَ العالي مثلَه، وتنالُ الشهادات العليا مثلَه، وقادرةٌ على أن تقودَ شركاتٍ كبرى ومؤسساتٍ عظمى وقطاعاتٍ تُبْدِعُ فيها بذكائها الخارق، وتَتَساوى مع أية سيدةٍ زميلتِها في العالم تديرُ مؤسساتٍ وشركاتٍ على حجم وطن. فهي ناشطةٌ في القطاع الخاص والمجتمع المدني، وبارعةٌ بمعاييرها وإمكاناتِها العلْمية والإبداعية. فلماذا لا تُظهر الهيئاتُ النسائية عندنا وجهَها المشِعّ، ولماذا تبقي على الأمور القاتمة وعلى ما تعانيه المرأة من قهر وتعنيف وحرمان؟
دور الهيئات النسائية أن تُبرز تفوُّقَ المرأة اللبنانية ناقلةً إياه إلى الإعلام اللبناني والعالمي. فلْتَضَع مثلاً لائحة بأنجح مئة امرأة لبنانية في الصناعة والتجارة والفنون والاقتصاد والتكنولوجيا والإعلام وسائر الحقول، ولْتُصبح هذه اللائحة تقليداً سنوياً ينشره الإعلام، وليتعرَّف الرأي العام على حاضر السيدات الناشطات لا على ماضي السيدات اللبنانيات الراحلات وحسب. ففي كل قطاع عندنا سيدات ناجحات ومؤثرات ولو على سلّم متواضع.
المرأةُ اللبنانية جديرةٌ بِتَوَلّي أكبر المناصب وأَدَقِّها مسؤوليةً. فلتُخْرِجْها الهيئاتُ النسائية عن صمتها المتواضع.
إنّ لنا في المرأة اللبنانية رفعة رأس نباهي بها محيطنا كله، بل نباهي بها العالم.