هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

805: لبنان بين المهرجانات السياحية و”القهرجانات” الانتخابية

الحلقة 805: صورة لبنان بين المهرجانات السياحية و”القَهرجانات” الانتخابية
الأحد 18 أيّـار 2009

بدأت تظهرُ منذ أيامٍ – في مؤتمراتٍ صحافية وأحاديثَ وتصاريحَ وإعلاناتٍ – مواعيدُ مهرجانات هذا الصيف، حاملةً في سلالِها الملوَّنة غلالَ برامجَ لبنانيةٍ وعربية وعالَمية تقدّم إلى جمهور لبنان وضيوف لبنان أمسياتٍ عاليةَ المستوى، راقيةَ البرامج، حتى ليغدو صيفُ لبنان زوغةَ ليالٍ لبنانية وعربية ودولية تستقطب إليها الجمهور من لبنان، ومن المنتشرين اللبنانيين في العالم، وقاصدي حضورها من بلدان قريبة وبعيدة.
ويُسْعِدُ أنَّ هذه المهرجانات لَم تعُد قصراً على بلداتٍ ومدنٍ ذات تاريخٍ في المهرجانات، بل يكادُ يكون لكلِّ ضيعة في لبنان، وكلِّ منطقة، مهرجانُها الحاملُ إلى رواده كلَّ جديد وجميل. ومن هنا الشعارُ السياحيُّ الجميل: “لبنان كلُّه مهرجان”.
توازياً مع هذه المهرجانات السياحية والموسيقية والغنائية يتوالى الإعلامُ عنها هذه الأيام، تتوالى هذه الأيام أيضاً مهرجاناتُ القهر السياسي من المرشَّحين على الانتخابات، بكل ما في هذه المهرجانات من شتائمَ وتُهَم و”توك شُوَات” يتسابق فيها المرشَّحون لا إلى تقديم برامِجهم الانتخابية، وعرضِ تقواهم ومنافعهم ووعودهم، وإبرازِ طهارتهم الوطنية، وجهودِهم في سبيل “الوطن الحبيب” و”المواطنين الأحباء”، وإغداق المستقبل بالمواعيد، وإغراق الناس بالاستعداد لخدمة أبناء مناطقهم الانتخابية، وتبيان ما في لائحتهم من مَحاسن ومغانِم ومنافع، بل يتسابقون إلى تبيان ما في اللائحة المنافسة من عيوبٍ وأضاليل، بأقوى ما جُعبتهم من كَيلِ اتّهاماتٍ لِخصومهم، وتعداد مثالب منافسيهم. وتتتالى لقاءاتُهم مع قواعدهم الانتخابية، وبياناتُ مكاتبهم الإعلامية، ومهرجاناتُهم السياسية اللفظية الخطابية العنتريةُ التي، لشدّة ما فيها من قهرٍ نفسي ومعنوي، تنقلب “قَهْرَجانات” سياسية تسوّقهم في بازارات الوعود المعسولة.
ولو انّ معظم المرشحين قرأُوا بياضَ الإعلان عن المهرجانات السياحية، لَخَجِلوا من تصريحاتهم التي تَجعل صورةَ لبنان مظلمةً في الخارج وضبابيةً ومُقلقة.
خطّان متوازيان لا يلتقيان: المشهدُ الفني السياحي في قرى وبلداتٍ ومُجتمع مدنيّ وأهليّ لبنانيّ لإقامة مهرجانات حضارية وثقافية تعطي العالم وجه لبنان الحضاري، والمشهدُ السياسي بِِـ”قهرجانات” تعبيريةٍ صوتاً وصورةً تفــوق عروض الــ”One man show” والــ”Stand-up comedy”.
وبين مهرَجانٍ هنا و”قَهرَجان” هناك، ستنتهي “القَهْرجانات” السياسية فلا يبقى في الذاكرة أحد، وتُواصل في الزمان المهرجاناتُ السياحيةُ الفنية لتعطي صورةَ لبنان المشرقةَ التي تَختزنُها الذاكرة الجماعية في العالم.