هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

799: الإنماء المتوازن بين المتاءَمة والملاءمة

الحلقة 799: الإنْماء المتوازن بين الْمُتَاءَمَة والْمُلاءَمَة
الأحد 26 نيسان 2009

الأهميةُ التي أعطاها وزيرُ الداخلية زياد بارود (السبت الماضي) عندما شارك في التوقيع على پروتوكول التوأمة بين بلدة زوق مكايل وبلدة الضاحية الپاريسية رويل مالْميزون، وهي الأهمية نفسُها التي أولاها رئيس بلديتها پاتريك أولييه لپروتوكول التوأمة بين البلدتين، تُشير إلى عمق الفائدة التي تَجنيها البلدتان المتَتَوئِمَتان على المستويات الثقافية واللوجستية والإدارية والديموغرافية والاجتماعية والشعبية معاً.
وأن ينبري پاتريك أولييه (وهو، الى رئاسته بلدية رويل مالْميزون، رئيسٌ سابق لِمَجلس النواب الفرنسي) فيقول لرئيس بلدية زوق مكايل نُهاد نوفل: “إننا نُحبّ لبنان من مَحبَّتنا زوق مكايل، وسوف نعود إليكم كي نتعلّم منكم ما لَم نقم به بعدُ في بلدتنا”، فدليلٌ على أن التعاون بين بلدتين تَتَوْأَمَتَا، لا يكون من طرفٍ واحد بل يَغْنَمُ منه الطرَفان.
ولعلّ هذا ما أشار إليه الوزير بارود، لدى توقيع الپروتوكول، بتركيزه على أهمية اللامركزية الإدارية التي تَمنح كلَّ سلطةٍ مَحليّةٍ حَيِّزَ تَحَرُّكٍ واسعاً يَجعلها تقوم بأنشطةٍ ومبادراتٍ فردية أو ثنائية تعطي الإنماء المحلي دفْعاً دينامياً تعيقه، عادةً، بيروقراطية السلطة المركزية وبلادة روتينها الإداري.
لا أعرف بالضبط عدد البلدات والمدن المتوأمة في لبنان، ولا أعرف بالضبط مدى إفادة البلدات اللبنانية من پروتوكولات التوأمة المعقودة مع بلدات عالَمية، ولم أقرأْ عن پروتوكول توأمةٍ أنتجَ ما أنتجتْهُ، منذ سنوات، مشاريعُ التنسيق بين زوق مكايل ورويل مالْميزون، بفاعليةٍ ميدانية على البنيتين التحتية والفوقية. غير أنني، من زوق مكايل نَموذجاً، يُمكنني تصوُّرُ ماذا يُمكن أن يُحقّق لبنان من هذه التوأمات بين بلداتٍ فيه ومدُنٍ وقُرى، ورصيفاتٍ لَها في العالَم، فتغنى البلديةُ اللبنانية من تَجارب البلدية التوأم في الميادين الثقافية والتربوية والاجتماعية والإدارية وسواها، ما ينعكس على رفاه أبناء البلدة ودينامية البلدية، ويعود بالفائدة على كل واحةٍ متوأمةٍ في لبنان، فعلى الإنْماء المحلي الذي يتعادل في كل منطقة لبنانية مع جوارها، ليعُمّ الإنْماءُ المتوازن في كل لبنان، بفضل المتاءمة بين بلداته والخارج، والملاءمة بين حاجات بلداته وخبرات الخارج.
العمل السياسي يقتضي توافق الأفرقاء جميعاً على حلّ معضلةٍ أو قرار، بينما العمل الإنْمائي يستقطب إجماعاً على حلّ أيِّ نقصٍ، أو سَدِّ أيّ حاجةٍ، أو تنفيذ أيِّ مشروعٍ يعود على الأهالي بالنفع العام.
فلتبادِرْ بلدياتُ لبنان الى المتاءمة من أجل الملاءمة، لعلّ التَّوْأَمَةَ تُنتِجُ توائمَ من رفاه الشعب لا تُنْتِجُها – حتماً لا تُنْتِجُها – مشاحناتٌ سياسية مَحلّيَّةٌ لا تعيش إلا إذا تغذّت بِـ…التفرقة والتحريض.