هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

787: … والمتاحف بهجتها الشتوية وعُروضها الدافئة

الحلقة 787: … وللمتاحِف بَهجتُها الشتوية وعُروضُها الدافئة
الأربعاء 11 آذار 2009

هل هُويّةُ الشتاء أنه، فقط، فصلُ العواصف والبرد والثلج والمطر والغيوم والضباب، وما يتزامنُ مع الانْحباس والسماء الكئيبة والرّغبة في الانطواء والانزواء في البيت ومشاهدة التلفزيون، عكسَ الصيف الْمُتَمَهْرِج بالطبيعة المفتوحة والبهجة والفرح؟
أبداً: إنّ للشتاءِ واحاتِه الثقافيةَ التي تُراعي البرد والمطر فيما تُقدِّم للناس معالِمَ ثقافيةً تعطيهم الدفْءَ النفسي والغذاء الثقافي ويَحمل إليهم حرارة شمس أفريقيا السمراء وسْط صقيع ثلجِ باريس، ويبثُّ من متاحف واشنطن في الشتاء دفْءَ جَمالٍ في الفنّ يغلِّف نفسية الناس ويُهدي إليهم دهشة البهجة عبر غذاء الثقافة.
*) ففي واشنطن ركّز فنانون تَماثيلَ وأنصاباً في نفق “غالري الفن الوطنية” (National Art Gallery) الممتدّ بين بناية غالري سَاكْلِر وبناية متحف هيرشْبُورن للنحت، والنفق مُدَفَّأٌ والمعروضات مُمتدَّةٌ بشكل جذَّاب استوقفَ المارة وجذبَهم الى تأمُّل الأعمال الفنية في جو دافئ مُشعشعٍ بالأنوار والألعاب والتسالي يدفع جُمود البرد عن المشاهدين ويغلِّبُ الفَنَّ الْمُدَفَّأَ على قسوة “الأمبراطور ثلج” في صقيع واشنطن.
*) ومتحف Quai Branlyفي باريس نظّم (الشهر الماضي) لعطلة الشتاء معرض “وجه أفريقيا بلا قناع”، تضمَّن سلسلة أنشطة للعائلات جعلتْها تكتشف أفريقيا، فخرجت العائلات بالأولاد الى هذا المعرض الْمُدَفَّأ واكتشف الجميعُ سحرَ أفريقيا وعاداتِها وفنونَها في عروض جذابة، منها ليلةُ رقصٍ على وقع الطبول والآلات الموسيقية الأفريقية، وجناحٌ لألعابٍ أفريقيةٍ يشارك فيها الأولاد، وحكواتي يروي للحضور قصصاً أفريقية جذّابة، وعرضٌ كوريغرافي لرقصات وأُغنيات أفريقية، وعروض سينمائية على الشاشة، وأنشطة أخرى لاكتشاف أسرار أفريقيا بلاد الشمس والألوان والموسيقى الخاصة، وكلُّ ذلك في جَـوٍّ حَمَلَ دفءَ شمس القارة السمراء الى صقيع ثلج باريس الأبيض.
*) وفي لندن شهدَ السكان والسياح في Winter Wonderland عروضاً شتويةً ثقافيةً وتسلويةً أدخلت الى قلوبِهم البهجة مع الثقافة، وأزالت عنهم كآبة الضباب في لندن وجَـوَّها الرماديّ الكالِح.
هكذا إذَنْ: يُمكن أن نقدِّمَ للناس الثقافةَ مع التسلية، فنُبعدَ عنهم كآبة الشتاء ونقرِّبَ منهم بَهجة الثقافة عبر متاحِف جذّابة، وعروضٍ في أماكنَ عامة ومتاجرَ كبرى ومطارات وساحات توصل الثقافة مَجّاناً الى المواطنين، مفتوحةً كالهواء الطلق، يتنفَّسون منها تَثَقُّفاً وإفادةًَ وبَهجةً للعين والقلب دافئةً في عزّ البرد، فيؤُول الشتاءُ الى صحوٍ في القلب على شَموسٍ من المعرفة والعلْم والثقافة تَجعلُ الحياة أجْملَ وأغنى، حتى في عين عواصف الشتاء وأمطاره الطَّوَفَانية.