هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

783: ما فرّقتْهُ نهاية الحبّ، جمعَته الأزمة الاقتصادية

الحلقة 783: ما فَـرَّقَـتْـهُ نِـهايةُ الحُبّ، جَـمَـعَـتْـهُ الأزمةُ الاقتصادية
الأربعاء 25 شباط 2009

نَهار الاثنين (أول من أمس) أعلَنَت وزارة الصحة الأميركية عن حملة تبدأ هذا الأحد (الأول من آذار) تبلغ تكلفتُها خمسة ملايين دولار، هدفُها تشجيعُ الشبان والصبايا في سن العشرين للإقدام على الزواج، وإثباتُ أن الزواجَ مؤسسةٌ قابلةٌ للنجاح، ونشرت الوزارة إحصاءاتٍ تشير الى أن نسبة الزواج في أميركا هبطت من 10/1000 سنة 1986 الى 7/1000 سنة 2008، وأن معدّل سن الزواج بات 26 للصبايا و28 للشباب. وترمي هذه الحملة الوطنية الواسعة الى إجراء حوارات ولقاءات في صفوف مَن هم في العشرين لتوعيتهم على طرائق إنْجاح الزواج، ونُصحِهم بالحوار من دون مشادات، وبذلِ التنازلات من الطرفين، وإبقاء الحياة الزوجية في جَوٍّ رومانسي، انطلاقاً من أنّ الزواج الناجح ركيزة المجتمع الناجح.
ومساء الاثنين أيضاً (أول من أمس) بثّت شبكة “سي.إن.إن” الأميركية برنامَجاً في موضوع “مطلِّقان إنما يعيشان معاً في البيت” استضاف زوجات مطلّقاتٍ وأزواجاً مطلّقين لكنهم لا يزالون يسكنون تَحت سقف واحد. وأجمعت المقابلات في ذاك البرنامج على أن الحاجة الاقتصادية هي التي تُبقي الزوجين المطلّقين يعيشان معاً في البيت مع الأولاد. وهذه ظاهرة رئيسةٌ لدى بلدانٍ كثيرةٍ لا تعمل على وضع تصاميم ومشاريع ومُخططات لتجاوز الأزمات المالية في القطاعات الاقتصادية وحسب، بل إنها، وهي لم تتوقَّف سابقاً عند موضوع الزواج، تضع ستراتيجيات تشجِّع الزواج لأسباب اقتصادية، شارحة أن الزواج يقاوم الأزمة الاقتصادية، حتى في بلدان ليبرالية يغادر فيها الشباب المنزل الأبوي في السادسة عشرة، بينما في المقابل يَختار أزواجٌ أن يَظَلوا يعيشون معاً ولو مطلِّقين، تعيقهم عن الانفصال المالي أزماتٌ اقتصادية، وانسدادُ فرص العمل، وصرفُ عمال وموظفين، وهبوطٌ في سعر الصرف، فيتشارك الزوجان بيتاً لَم يَعُدْ يَجمعُهُما فيه الحب فَيجَمَعُهُما المال، حين الزوجُ المطلِّق لا يتحمَّل مصاريف بيت خاص به فوق مصاريف مطلقته وأولاده، وتكون المطلِّقة لا تعمل ولا مدخول لديها فترضى بِمساكنة مطلِّقِها في البيت مع أولادها كي تأمن التزامه بالمصاريف، ويوفِّرُ الزوجان المطلِّقان أن يبدأ كل منهما حياة مستقلة في بيت مستقلّ. وفي هذا السياق أيضاً يَحصلُ أن يتزوج اثنان ويظلاّ كلٌّ في بيت أَهله توفيراً لِمصاريف إنشاء بيت مستقِلّ.
ظاهرةُ المساكنة ليست كثيرةً في لبنان ولو انّ حالات الطلاق كثيرة. وإن حصلَت المساكنة فلا تكون بدافع اقتصاديّ، بل غالباً بدافع اجتماعيّ، لأن مُجتمعَنا لا يَحتمل مساكنة مطلِّقَين، ولذا قد يبقى الزوجان معاً تَحت سقفٍ واحدٍ من دون طلاق، في حياةٍ مشتركة، ولو على عيون الناس.
مؤسفٌ أن يَجمعَ المالُ، لا الحبُّ، زوجين كانا عاشقين، إلاّ إذا كان حبُّهُما غيرَ عاديّ، وعندئذٍ لا تُفسِدُ هذا الزواجَ حاجةٌ، ولا تفرِّق حالةٌ بين الزوجين العاشقَين.
وعندَها: يا أَلفَ طُـوبَى لَهما.