هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

759: … وانتصَرَت، في إعاقته، إرادةُ الحياة

الحلقة 759: … وانتصرَت، في إعاقته، إرادةُ الحياة
لـيوم الأربعاء 3 كانون الأول 2008

من رآه يتسلّم الجائزة الأُولى في ماراثون بيروت، صباح الأحد الماضي، لَم يَرَ على وجهه علاماتِ الفرح بقَدْرِما تراءَت في معالِمه إرادةُ الحياة، وفوزُ التحدّي الذي تنتصرُ فيه الحياةُ على الإعاقة.
إدوار معلوف، حين شارك في ماراثون بيروت (وشعاره هذا العام “بشجاعتهم نركض ضد السرطان”)، سَجَّلَ أنه، وهو الْمُقْعَد الْمُسَمَّر على كرسيّه، لَم يَفُزْ عن فئة الْمُقْعَدين بل عن فئة أبناء الحياة التي يَخجل الموتُ أن يُقارِبَها كما يُقارِب الآخرين.
وكيف تَكون غَلَبَتْهُ الإعاقة، هو الذي فاز في ماراثون الصين هذا العام بمداليتين برونزيتين (أُولى لركضه49 كلم، والأُخرى لركضه 13 كلم)، وكان قبلها فاز ببطولة ألْمانيا وهولندا، وقبلها عام 2006 ببطولة نيويورك، وقبلها ببطولة العالم في بوردو لاجتيازه، على كرسيّه الْمُدَولَب، 50 كلم في ساعة و27 دقيقة! وكان فوزُهُ في المدالية البارالِمبية أولَ فوزٍ للبنان بِهذه المدالية في العالم منذ انطلاقها سنة 1960.
يوم زلّت به قدَمُهُ فوقع من الطابق السادس وأصابه الشلل التام، لَم تطُل صَدْمَتُه طويلاً فانتفضَ من اليأس وصرخَ في صمته الداخليّ: “سأنتصر على الإعاقة وأتَحَدّى الشلَلَ بِحُبّ الحياة وبُلوغِ ما هو فوق قدْرتي بلوغُه”، وحين وضعَ هذا الهدفَ أمامه، انتصرَت فيه إرادةُ الحياة، وعاد الربيعُ الى سنواتِه الأربعين.
واليوم يزاولُ إدوار معلوف حياته يومياً في هولندا، مع زوجته الهولندية وطفليهما التوأمين (الصبي فلوريان والبنت شانتال)، لهما أربعةُ أشهر، وينعَمان بِحنان الأُم وعطفِ الوالد اللبناني الذي، منذ زلّت قَدَمُهُ سنة 1995، رفض أن تزلّ به الحياة فقرَّر أن يندمجَ من جديدٍ بالحياة الوسيعة، وها هو اليوم رياضيُّ ماراثون عالَمِيٌّ مُحترِف، يتسابق على دعمه الرُّعاة التجاريون (السپُنسُرز) ليس لأنه سيربح الماراثون بل لأنه رمز انتصار الرجاء على اليأس، تَماماً على صورة وطنِهِ لبنانَ الذي تضرِبُهُ إعاقةُ الخيانات فينتصِرُ عليها بإرادةِ شعبه على الحياة.
هكذا – على صورة وطنه لبنان – ينتصر دائِماً، ويفوز، إدوار معلوف.