هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

757: حين يستعمل السفير دبلوماسيته الوطنية

الحلقة 757 : حين يستعمل السفير دبلوماسيّته الوطنية
(لـيوم الأربعاء 26 تشرين الثاني 2008)

من مهامّ السفير أن يتّشح بالدبلوماسية الاحترافية ليَصِلَ أو يوصل. وما يُميِّز سفيراً عن آخَر: قوةُ إقناعه بدبلوماسية وطنية. وهذا ما حصل نهار الجمعة الماضي في مدريد لمناسبة ذكرى الاستقلال، كما عاد صديق لي الى بيروت من هناك، وروى لي عن احتفال كبير للاستقلال نظَّمه سفيرنا هناك شكري عبود، ضمّ نحو ستمئة شخصية رسمية واجتماعية ودبلوماسية وفاعليات اقتصادية وأعضاءَ من الجالية اللبنانية جاؤوا من نواحٍ بعيدة في إسبانيا.
وعن الصديق الراوي أنّ احتفال الاستقلال اللبناني في مدريد تَميّز بظاهرتين: الأُولى حضور مدير المراسم في الخارجية الإسبانية السفير خافيير فالورِه دي أكّا (وهو قلَّما يشارك في احتفالات وطنية)، والأُخرى مكان الاحتفال غير المتاح قطّ للبعثات الأجنبية، وهو الصالة الكبرى في الجناح الفخم المخصَّص في بلدية مدريد لاحتفالات البلدية، وسط أجمل حديقة في قلب العاصمة القديمة. وأثار الاحتفال تساؤلَ سفراء آخرين عن كيفية حصول لبنان على هذه الصالة الفخمة التي لَم تُعْطَ الى سفارة أيّ بلدٍ من قبل، ولا تقام فيها إلاّ احتفالات البلدية والاحتفالات الوطنية الإسبانية فقط.
والذي حصل أنّ سفير لبنان حين قابل رئيس بلدية مدريد ألبرتو رويث غاياردون، اعتذر هذا الأخير لسفيرنا متذرِّعاً بأنه لن يَجعلَها سابقةً لسواه من السفراء. فعاجله شكري عبود: “أيُعقَل أن تُرسل دولة أسبانيا الى لبنان ألفاً ومئتي جندي مستعدِّين لبذل دمائهم في سبيل المحافظة على السلام في لبنان، وتَحرُمَ سفارة لبنان في مدريد من مقرّ البلدية لبضع ساعات”؟ عندها أجاب رئيس البلدية: “لك ما تريد، يا سفيرَ لبنان. لبنان لا يُرَدُّ له طلب. ولأجل لبنان، سأقدم الصالة مَجاناً”.
وهكذا، بدبلوماسيةٍ وطنيةٍ سريعةِ الخاطر مقنعةٍ من سفير لبنان، احتفل لبنان بذكرى استقلاله في أجمل قاعة من مدريد.
هذا اللبنان… هذا اللبنانُ الأُعجوبيّ، ليتَ معظم سياسييه يتصرَّفون هكذا بعِشْقٍ له كثير، إذاً لكان اليوم غيرَ ما هو عليه من شدِّ حبال شتّام بين فرقاء شخصانيين فيه من “بيت بو سياسة”.
شكري عبود، سفيرَنا في بلاد دون كيخوته، شكراً لاحترافيتك العالية.