هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

751: أيتها الدولة: أقبضي على ابرهيم عبدالعال

الحلقة 751: أيتها الدولة: أقبضي على ابرهيم عبدالعال
ليـوم الأربعاء 5 تشرين الثاني 2008

الندوة التي نظَّمها (أمس الأول الاثنين) مركز التراث اللبناني في الجامعة اللبنانية الأميركية عن ابرهيم عبدالعال، في الذكرى المئوية لولادته سنة 1908وعشية الذكرى الخمسين لوفاته سنة 1959، كانت صدمةً لِجمهورها بقدْرما كانت مضيئةً على عبقريٍّ رؤيويٍّ من لبنان.
الإضاءة: على رجلٍ قبل أكثر من نصف قرنٍ اكتشف ما في أرض لبنان من ثروة مائية تَغنى وتغني. والصدمة: من جهلٍ في رؤية دولةٍ لم تستَفِدْ من مشاريعه ومُخططاته وأفكاره، على رأْسها ثروة نَهر الليطاني، حتى قال الرؤيوي الآخر موريس الجميّل: “إذا كانت مصر هبة النيل، فلبنان هبة الليطاني، والليطاني هبة ابرهيم عبدالعال، وابرهيم عبدالعال هبة لبنان”.
مذهلٌ ما كان من هذا الرجل في اكتشاف ثروة لبنان المائية ومفاعيلها ومردودها، ووضْع ستراتيجية كاملة للإفادة من مواردنا الطبيعية، ورسْم تَخطيط وتصميم شاملَين على مستوى الوطن، واستشراف تطوّر استهلاك السكان الزراعة والمياه والكهرباء والمرافق الاقتصادية، وكيفية استغلال موارد الأنْهُر اللبنانية والإنماء المتكامل، والتعاون الاقتصادي وانفتاح الأسواق (خصوصاً بين البلدان العربية)، ووضْع خطة لاستثمار مياه الشرب والاستعمالات المنْزلية والزراعية والصناعية، ووضْع دراسات شاملة لكل حوض من الأنهار اللبنانية الأربعة عشر وتجهيزها، واستعمال المياه في توليد الطاقة الكهربائية، وإمداد المناطق اللبنانية بمشاريع موحّدة لها جميعاً، ودراسات حول حماية أحواض الأنهار من التلوث، ومشاريع ري جميع المناطق اللبنانية بسهولها وأراضيها الصالحة للري مع تحديد مصادر تموينها بالمياه، ودراسة المياه الجوفية والقدرات الكافية منها،… وجميعُها بقيت حبراً على ورق، وما نُفِّذ منها نفَّذه هو بِيَدِهِ وجهْده وحماسته العلمية اللبنانية، حتى إذا غاب، بتلك الْميتة المشبوهة، توقَّفَت مشاريعُهُ، وغابت في أدراج دولةٍ لَم تعرف كيف تستفيد منه ومن مشاريعه الطليعية للبنان أفضل.
ليس جديداً علينا تضييعُ الدولة فرصَ استثمار العقول اللبنانية المبدعة، فَلْتَهْتَمَّ منذ اليوم بِهذه العقول ونتاجِها.
أيتها الدولة التي لم تستَفِدْ منَ ابرهيم عبدالعال حياً: أقبضي اليوم على مشاريعه حول ثروة لبنان المائية، ونفِّذي منها ما ينقذكِ من هذا التخبُّط السياسي الذي لن يورثَكِ إلا غرقاً في الرمل، بينما سواكِ يَخرج من الرمل الى استجداء الثروة المائية.