هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

726: الثقافة الخَجول في البيان الوزاري

الحلقة 726: الثقافة الْخَجُول في البيان الوزاري
الأحد 10 آب 2008

تابعنا، باهتمامٍ كثير، تلاوة بيان الأربعَ عشرة جلسةً تأليفية والأربع والستين نقطةً تفصيلية، مترقِّبين ماذا سيقول هذا البيانُ الوزاري الطويل المطاط، ذو عشرات كلمة “سوف” وحرف “سين” سوف، ومع كل “سوف” وكل “سين” سوف وعدٌ آخر بِما “سوف” تقوم به الحكومة، وما “سوف” تعمله، وما “سَـ”تنفِّذه، وما “سَـ”تُحقّقه” للمواطنين الأحباء، في بيانٍ يَصلُح لعشْر سنواتٍ بينما هو ما سوى لعشرة أَشهر.
تابعْنا البيان، في نقاطه المتتالية، لَهيفين الى ما “سَـ”يقوله عن الثقافة والعمل الثقافي، والفعل الثقافي، والتحقيق الثقافي، والإنْجاز الثقافي،وخصوصاً خصوصاً: الرؤية الثقافية والمشروع الثقافي، فإذا البيان فصَّل جميع النقاط السياسية والخلافية والاستيعابية والإرضائية، حتى إذا وصل الى الثقافة، جاءت النقطةَ الثانيةَ والستين (قبل ختام البيان بنقطتين عَجْلَيَين) ليُوردَ كلاماً سَمعنا نصفه في البيان السابق للحكومة السابقة (ويومَها جاء نقطةً عاشرةً لا رابعةً وستين)، والنصفُ الآخر عناوينُ كبرى كأنها عابرة، كأنها سريعة، كأنها عَجلى، كأنها رفعُ عتب، كأنها رصفُ وعود، كأنها شقعُ “سوف” و”سين” سوف. ومن هذا الشقْع: “الإقرار العاجل لِمشاريع القوانين التنظيميّة لوزارة الثقافة ومديريّاتها والمؤسسات العامة والهيئات العاملة تحت وصايتها، والتشريعات المتعلقة بتنظيم المهن الفنية وضمان حقوق المبدعين”، ومن هذا “الشقْع” أيضاً: “و”سَـ”تُواصل الحكومة الإعداد لتظاهرات ثقافية كبيرة بِمناسبة إعلان بيروت عاصمة عالمية للكتاب عام 2009 وبمناسبة تنظيم الألعاب الفرنكوفونية في خريف العام نفسه”.
شكراً لكل “سوف” وكل “سين” سوف، تتعلّق بالثقافة في هذا البيان، بيانِ الأربع عشْرة جلسة والأربع والستين نقطة.
أما “الإقرار العاجل لمشاريع القوانين التنظيميّة لوزارة الثقافة ومديريّاتها والمؤسسات العامة والهيئات العاملة تحت وصايتها”، فمنذ غسان سلامة ونَحنُ، حكومةً بعد حكومة، نسمع عن تَحريكها وإقرارها ولم تخرج حتى اليوم من أدراج لجنة الإدارة والعدل.
وأما الإعداد لـ”بيروت عاصمة عالمية للكتاب عام 2009″ و”بيروت الألعاب الفرنكوفونية 2009″ فلا يكفي ذكرُها في البيان ذكْراً عابراً إن لم يقترن هذا الذكر بتخصيص موازنة مُحترمة لِهاتين التظاهرتَين العالَميّتَين على أرض لبنان، وإلا ستكونان هزيلتَين ضئيلتَين ضحلتَين، فيما حكومات العالم (العربي في جوارنا، والغربي بعيداً) تُخصّص للثقافة موازنات كبرى مهما تدَنّت لا تبلغ قحط 0،09 %، هي حصة الثقافة من موازنة دولتنا الشوساء.
فشكراً لهذا البيان الوزاري ذي الأربعَ عشرة جلسة، والأربع والستين نقطة، لكننا نشعر أنه مُراكَمَةٌ أخرى لـ”سوف” و”سين” سوف، خصوصاً في الشأْن الثقافي، ما يدل على أن الثقافة في لبنان، وزارةً وتشريعاتٍ وفعلاً ثقافياً، لا تزال رفع عتب وكمالياتٍ ونقطةً عجلى في مؤخرة بيانٍ وزاريٍّ أخذ وقته في تفصيل الحكي السياسي واستعجل الختام عند الكلام على الثقافة.
إن دولة يبقى الكلامُ خجولاً فيها على الثقافة الإبداعية، ستبقى دولة مثلَ “مرتا”، تَهتم بشؤونٍ راهنة عابرة، ولا تُخطّط للغدِ الإبداعي الذي هو هو عنوانُ الدولة والحكومة والوطن.
و… نأمل أن يكذّبنا، هذه المرة، بيانُ الأربعَ عشْرة جلسةً، والنقاطِ الأربع والستين.