هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

725: لو سياسيّونا مثلُ الأخوين رحباني

الحلقة 725 : لو سياسيُّونا مثلُ الأخوين رحباني
(الأربعاء 6 آب 2008)

بين رُدودٍ عدةٍ تلقّيتُها على حلقة الأحد الماضي عن منصور الرحباني، وخصوصاً عن معلومةٍ أوردتُها حول المحبة الكاملة بين الأخوين حتى لَيعزو واحدُهُما الى الآخر كلَّ نَجاح، جاء لافتاً ردُّ الصديق الكاتب السياسي سجعان قزي مثْنياً على هذا الاندماج بين أعمال عاصي ومنصور، ومتمنياً لو ان السياسيين عندنا كانوا بِهذا الاستعداد للمحبة والحوار والتفاهم.
لافتةٌ هذه المقاربة، وعميقةٌ في واقعيّتها مُسْقَطَةً على الوضع السياسي عندنا. فطوال ما كان اللبنانيون، مقيموهم والمغتربون، يتابعون في حُرقةٍ وبعض يأس، أربعة عشر اجتماعاً لإعداد بيان وزاري، كانوا يتابعون، في الوقت نفسه، تبادُل التُّهَم في التأخير والمماطلة والمماحكة والتأجيل ومراجعة الأقطاب حول عبارةٍ أو كلمة، ودوماً يكون الحق على “الفريق الآخر”.
وطوال الفترة الماضية، منذ الفراغ الرئاسي، والشعبُ اللبناني يتابع التجاذُب السياسي، والتشاتُم السياسي، وتبادُل التُّهم السياسية، ورمي الكرة من ملعب الى ملعب، ومن مضرِب الى مضرب، ومن سلّة الى سلة، ومن شبكة الى شبكة، ومن قَدَم الى قدم، ومن ضمير الى ضمير، ومن تصريح الى تصريح، ومن متراسٍ إعلامي الى متراس إعلامي، وكلُّ واحد يتّهم الآخر بالتقصير والعرقلة والمماطلة، وكلُّ واحدٍ يدّعي أنه هو يُحافظ على حقوق المواطن أو الطائفة أو المذهب أو التيار، والآخرون خونة منباعون. واتَّضح في النهاية أنّهم يعملون لِمصلحتهِم هُم (أو مصالح أسيادهم من ورائهم) ولِمصلحة حساباتِهم الانتخابية الضيّقة المحلية الضيعوية البلْداتية المناطقية، لا واحدٌ منهم يُحبّ الآخر ولا يُحبّ شعبه ولا يُحبّ لبنان، ولو ادّعوا جميعاً أنهم يعملون لِمصلحة الشعب ومصلحة البلد ومصلحة مستقبل أجيال لبنان.
بعد حلْقة الأحد الماضي، عاد منصور الرحباني مساءَ أمس فأكّد لي على عمر كامل مع عاصي في وحدة حال ووحدة عمل ووحدة ثقة، ومن هذه الوحدات الثلاث كان نَجاح الصَّرح الرحباني. ولو أنصفتُ لأضفتُ على قول منصور: نَجاح الوطن الرحباني، فلا يتفرّد واحدُهما بنجاح عملٍ، ولا يتّهم أحدُهُما الآخر بعدم النجاح.
فأنَّى لنا في لبنان سياسيون يُحبُّ واحدُهم الآخَر ثم جميعاً يُحبون الشعب ويعملون معاً للبنان، لا كلُّ واحد من موقعه قبالة الآخر، ولا من متراسه في وجه متراس الآخر، ولا بكيل التُّهَم يصوّبُها على الآخر، ولا بإبراز طوباويّته وتَخوين الآخر، حتى باتت تصاريح السياسيين نصفُها لإبراز إخلاصهم وإنْجازاتِهم للمواطنين الأحباء، ونصفُها الآخر لاتِّهام أخصامهم أو للردّ على قذاعة خصومهم بِما هو أقذع. أَفَهَكَذا يبنون لبنان: بالشتائم المتبادَلة والردّ على الشتائم بأخرى شتّامة، وبتخوين الآخرين؟
أمام هذا الواقع الموبوء بالخلافات على عبارة أو كلمة أو صياغة وبِجوقات شتّامين وتصايُحِهم ثم في النهاية يرفعون الأصابع موافقين، لا أجد ختاماً لِهذه الحلْقة إلاّ ختامَ الحلقة الماضية نفسَه، وليعذرْني أصدقائي المستمعون على التكرار المرير: “أيها السياسيون، يا جماعة “بيت بو سياسة” عندنا: نَحن الشعبُ الرافضُ أحابيلَكم، نقول لِمعظمكم: “لكُم لبنانُكُم الْحِرباويُّ المتَلَوِّنُ الْمُتَأَفْعِنُ الْمُتَثَعْلِبُ، ولنا نَحنُ: لبنانُ النقيُّ المبدع، الطالعُ من صوت فيروز، وعبقرية الأخوين رحباني”.