هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

722: ماذا لو نستأجر شرطة سير من الخارج؟؟

الحلقة 722: ماذا لو نستأجر شرطة سير من الخارج؟؟
الأحد 27 تموز 2008

كنتُ أتوقّع ردوداً على حلقتي السابقة حول فواجع السير والنداء الى وزير الداخلية الجديد الدكتور زياد بارود. لكنني لم أتوقّعْها بِتَيْنِكَ الحدّة والسرعة اللتين تلقَّيتُها بِهما. ففور بثّ الحلقة صباح الأربعاء الماضي، اتصل بي السيد عصام فرج من العبادية، مقترحاً، كما في بعض البلدان، نشرَ شرطة سير باللباس المدني على الطرقات، ينظِّمون المحاضر ويوقِفون السيارات المخالفة، ولا يعرف المخالف أنهم من الشرطة إلاّ عندما يُبْرزون له بطاقتهم العسكرية الخاصة، ثم ينظّمون به مَحضر مُخالفة صارماً. واتصلَت المربية السيّدة بِرْتْ بو نافع تقترح إنشاء شبكة مشتركة بين الوزارات الثلاث: الداخلية والتربية والإعلام لوضع مشروع وطني شامل يَصدر عنه كتاب مدرسي في التربية المدنية والقانونية والاجتماعية يدرِّس التلامذة، منذ الصغر، قانونَ السير وإشاراتِه وإرشاداتِه وبنودَ المخالفات وعواقِبَها، تتبنّاه وتدرِّسه جميع المدارس الخاصة والرسمية في لبنان، كما يَصدر دليل مفصّل أكثر للطلاّب الجامعيين وللمواطنين عامة. وتُنتجُ وزارة الإعلام “ڤيديو كليپّات” تلڤزيونية قصيرة تَوْعَوِيَّة تبُثُّها مباشرةً قبل نشرات الأخبار، حول السلوك على الطرقات وسلامة المرور. وختمَت بِرْتْ بو نافع كلامها بتَمَنِّيها أن أرفع الى الوزير الشاب زياد بارود عبارة لاروشفوكو: “لا تَحْكُموا على الرجُل من خلال مزاياه العالية، بل من خلال استخدامه هذه المزايا في التطبيق”.
ومن صديق آخر في فرنسا سَمِعَ الحلقة، وردتْني رسالة إلكترونية يقترح فيها أن تستأجر الدولة عشرات شرطة السير من الصين التي أعلنَت مؤخّراً أنّ لديها فائضاً في شرطة السير وترغب في تأجير أطقم منها للخارج.
الفكْرة جدّيّة وذاتُ منفعة مزدوجة: أولاً تُنقذ لبنان من شرطة سير مَحلّيين يغُضّون الطرْف، أو يُهملون، أو يتهاملون، أو يتهيَّبون تنظيم مَحضر ضبط بِمخالفٍ قد يكون ابن بنت عم أحد أزلام بيت “بو سياسة”، وثانياً تُنقذ لبنان من رُعونة سائقين بلا أخلاق، لا يَحترمون شرطة السير فيُخالفون تَحت نظر الشرطة، واثقين من أنّ هؤلاء لن ينظّموا مَحضر مُخالفة، بينما حين شرطةُ السير أجانِب، لا يعرفون أحداً ولا يفرّقون بين مواطن عاديّ ومواطن “إكسترا” يَخُص أحداً من “بيت بو سياسة”، عندئذٍ يتهيَّب المواطنون شرطةَ السير الأجانبَ هؤلاء، وينضبطون غصباً عنهم على الطرقات، فيتنظَّمُ السير عندنا كما في البلدان الراقية الآمنة الطرقات، ونُقْفِلُ عندها هذا السيرك القاتل على طرقاتنا المهدِّدَتِنا يومياً بالخطر الناجم هنا عن سائق أرعن، هناك عن سائق بلا أخلاق، وهنالك عن سائق مَحسوب على واحدٍ من “بيت بو سياسة”.
هذه الأفكارُ جميعُها، نضعُها في تصرُّف الصديق الدكتور زياد بارود، وزيرِ الداخلية الجديد الواعد كثيراً، الطَّمُوح كثيراً، ونعرف أنه ليس في حاجة الى أفكار إضافية، هو الآتي من الأكاديميا والقانون، وينوي للبلاد صفحة جديدة نأمل أن يُحقِّق منها ما يُشبه بياضَ نيَّته، وصفاءَ أفكاره، وطوباويةَ الحماسة اللبنانية في شبابه الواثق الناضج.
يستاهل لبنان، أخيراً، أن يَحكمه شبابٌ ناضجون، يَحملون في رئةٍ طموحَهم اللبناني، وفي الرئة الأخرى إِرْثَ لبنان الذي كم شوَّهَتْهُ المحسوبيّات والزبائنيّات والقطعانيّات، في دهاليز السنوات المالِحة الماضية.