هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

711: حين تصبح الحقيبة أكبر من الوطن

الحلقة 711: حين تصبح الحقيبة أكبر من الوطن
الأربعاء 18 حزيران 2008

وطنٌ بكامله واقفٌ عند حدود حقيبة. مصالح الناس جميعاً متوقفةٌ عند حدود حقيبة. مصيرٌ حاسمٌ موقوفٌ في زنزانة حقيبة.
كيف نشرح هذا لأبنائنا ذات يوم؟ كيف نشرح هذا لمغتربينا كلّ يوم؟ كيف نبرِّر هذا العناد التوزيري الاستيزاري بعد اليوم؟
كيف نتعامل مع قضيب الزعرور الذي لا نفكُّ فيه عقدةً حتى تنشبَ بين أيدينا عُقَد؟
كيف نتخلّص من قضيب الزعرور؟ متى تنتهي عُقَد قضيب الزعرور؟ ومتى يتوقَّف هذا الادّعاء بأنَّ كلَّ واحد منهم يعمل لمصلحة الشعب ومصلحة الوطن ومصلحة المذهب ومصلحة الطائفة ومصلحة الدين؟
إلى متى سنبقى معلّقين على جلجلة العناد والتصلُّب وتسديد الفواتير لِخارج لبنان، باسم العمل على مصلحة لبنان؟
وهذه الآتيةُ إلينا: أهي فعلاً حكومة “وفاق وطني” أو “مصالَحة وطنية” أو “إجماع وطني”؟ أم هي حكومةُ فدرالية طائفية، وكوتا طوائف، وكونفيرالية مذاهب، يَجتمع فيها الذين كانوا منفَصِلين وفَصَلوا بأزلامهم أوصال الوطن؟
أهي حكومة تصريف أعمال؟ أم حكومة تَحضيرِ مَن فيها معاركَهُم الانتخابية بالمباشرة أو بالواسطة؟
كيف نُخبر العالم أن تسهيل مهمّة رئيس الجمهورية لقيادة البلاد، يَمُرُّ عبر إرضائهم بتسهيل مصالِحهم لبلوغ مآربِهم؟
وطنٌ بكامله واقفٌ عند حدود حقيبة.
لا حدودَ للوطن اليوم إلاّ حدودُ الحقيبة.
لا هاجسَ عند بعض السياسيين اليوم إلاّ هاجسُ الحقيبة.
لا مطالبَ عند بعض السياسيين اليوم، إلاّ مطلبُ الحقيبة.
لا تلبيةَ لشؤون الشعب بعد اليوم، قبل تأمين الحقيبة.
إذا وصلت الحقيبة إلى صاحبها، تكون وَصَلَت إلى كلِّ مواطن حقوقُه، واستقرّ وضعُه الاجتماعي، وأمَّنَ على مستقبل أولاده، واستقام الوضع المالي والاقتصادي في البلاد، وهبطَ سعر الخبز، وانْحدَرَت أسعارُ السِلَع الاستهلاكية، كلُّ هذا حين هذا الزعيمُ السياسي أو ذاك، يَحظى هو بالحقيبة.
صارت الحقيبة هي الأساس.
صارت الحقيبة معيار الوطن.
صارت مصلحة الحقيبة هي مقياس خدمة الوطن.
صارت الحقيبة أكبر من الوطن.
لن نزيد. قرَفُنا يَمنعنا من أن نزيد.
ولا نَملك إلاّ أن نَختُم بكل غضبٍ وقرف واشمئزاز: يا تعاسة وطنٍ، تبلغ فيه صلافة بعضٍ من سياسييه، أن يطالبَ بِحقيبةٍ، أو يطمحَ إلى حقيبة، أو يتمسَّكَ بِحقيبةٍ كأنّها ملْكُه وحقُّه ووراثته، وأن تصبح الحقيبة أكبر من الوطن، فتصبحَ الحقيبة في خدمتهم عوض أن يكونوا هم في خدمة الحقيبة.
ويا تعاسة وطنٍ بسياسييه الذين، في عنادهم المدَمِّر، يعتبرون الحقيبة أكبر من الوطن.