هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

691: … ومن الجمّيزة إلى كل لبنان

الحلقة 691: … ومن الجمّيزة إلى كل لبنان
الأحد 6 نيسان 2008

لا جدال بأن حرّيّة الفرد مقدَّسة لا تُمَسُّ ولا تُقَيَّد. ولا جدال بأن حرّيّة الفرد المقدّسة هذه، تتّسع حتى تصطدم بِحُرّيّة الآخرين فتنكفئُ إلى حُدودها الذاتية كي لا ترتطم الحرّيّة بالحرّيّة فتكونَ فوضى لا ضوابط لها ولا يعود لها معيار.
ومراراً، في هذا البرنامج، كانت هذه الـ”نقطة على الحرف” صدى صرخات المواطنين من الفوضى وإقلاق الراحة الليلية بسبب الأسهُم النارية الوقحة في ساعاتٍ متأخرة من الليل، وبسبب الدرّاجات النارية الوقحة بين البيوت في الليل، وبسبب زمامير السيارات ليلاً في الشوارع الداخلية والأحياء المكتظّة، ما يَجعل الإزعاج يوقظ الناس من نومهم إلى الغضب الساخط الشاتم اللاعن.
وفي السنوات الأخيرة، عانى حي الجمّيزة في قلب بيروت من حوادث نشل حقائب السيدات، ومن إقلاق الراحة بسبب تناسُل المطاعم والمقاهي وعلب الليل وحانات لا يَحلو لروّادها أن تبدأ سهراتُهم إلاّ منذ انتصاف الليل حين يَخلُد الناس إلى النوم، ولا يَحلو لهم السهر إلا بفرقعة الضحكات العالية والحوارات الجهيرة الوقحة والتخاطب الذي يتجاوز زجاج الحانة وحيطانَها إلى كل الحيّ الساكن في الليل، ولا يغادر الساهرون علبة السهر في ساعة متأخرة من الليل إلا ويوقظون سكان الحي بوقاحتهم العالية الصوت، الوقحة الضحكات، المتَعْتَعَة من سُكْر وعربدة وفُجور، حتى أمسى هذا الإزعاج ليلياً سبعة أيام في الأسبوع، وحتى لم يعُد لأهل الحي هناءٌ في بيوتِهم، عدا احتلال مواقف سياراتِهم فيتهجَّرون للتفتيش المُضْني عن مواقف أُخرى في أحياء أُخرى من المدينة.
أسوق هذه المقدمة لأشكر حزْم وزير السياحة المهندس جو سركيس على قراره وتنفيذ قراره بإقفال عدد من الحانات وعلب الليل التي كانت تسبب إزعاج المواطنين بشكل لم يعُد يطاق.
ولا بُدّ أن يكون وزير السياحة تعرَّض لِمداخلات ووساطات ومراجعات للعدول عن قراره، والعجب الساخر أن يتدخَّل نافذون سياسيون مع وزيرٍ يقوم بإراحة المواطنين، ما سوى كي يرضي أولئك النافذون أزلامهم ومَحاسيبهم ويبقوهم مُخالفين وقحين. والعجب الأكثرُ سخريةً أن يتذمَّر الناس من عجز الدولة عن تطبيق القانون في مناطق من العاصمة، ويتذمَّر آخرون لقيام الدولة بتطبيق القانون. وذلك يسهِّل قيام جزر متمرِّدة في لبنان لا تَخضع لِهَيبة الدولة. فلا يُمكن أن تكون الدولة مكسر عصا لِمن يستهين بِها، وأن تكون خصماً للمواطنين حين تقوم بواجبها لزجر المخالفين والفوضويين خدمةً لراحة المواطنين.
فليهنأ أهل الجميزة إلى راحة نومهم الليلي، والشكر لوزير السياحة على قراره وتنفيذ قراره، وشكراً لكل من يتمثَّل بوزير السياحة فيطبِّق القانون على كل شبر لبناني من أرض لبنان.