هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

670: هذه الأرقام المخيفة عن هجرة أولادنا

الحلقة 670: هذه الأرقام المخيفة عن هجرة أولادنا
(الأحد 20 كانون الثاني 2008)

أيها اللبنانيُّون، إفرَغُوا من سياسيِّيكم، قبل أن يُفْرِغُوكُم من الوطن.
يَشْتُمون، يُشْتَمون، يتشاتَمون، وأولادُنا من بين أَيدينا يَهرُبُون، يَهجُرُون، يُهاجرُون، يَبتعدون، ويَعِدُوننا بأنهم لا يرجعون.
وها هو الخبير الاقتصادي الكبير الدكتور مروان اسكندر (في مقاله الأُسبوعي أمس السبت في “النهار”) يكتب: “يبحث الشباب اللبناني اليوم عن العمل في الأسواق الخليجية وفي أفريقيا وأوروبا الشرقية لأن ثقته بمستقبل لبنان تَهتَزّ كلما شاهد مناظرة تلفزيونية أو قرأ مقابلة سياسية”.
وها هي سلوى كرم (الدكتورة في العلوم الاجتماعية) تضع أطروحتها “النّزوح الداخلي والاغتراب اللبناني” (370 صفحة) وتورِد فيها أرقاماً مُخيفةً مرعبةً عن هجرة أولادنا من لبنان إلى ديار الدنيا.
من هذه الأرقام أنْ بين 1991 و2000، هاجر إلى الولايات المتحدة43،441 بينهم10،284 طالباً، والى كندا 36223 بينهم 7330 طالباً، والى أستراليا 12983 بينهم 953 طالباً، والى أوروبا 44799، بينهم 13304 طلاب.
ومن الأرقام أن المهاجرين إلى الولايات المتحدة وحدها بين 2002 و2004 بلغوا 10741 لبنانياً، والذين نالوا الجنسية الأميركية بين 2003 و2005 بلغوا 9100، واللبنانيين الكنديين بلغوا 250 ألفاً، بينهم 143 ألفاً يعيشون نهائياً في كندا، واللبنانيين الأستراليين (حتى 2001) بلغوا 162239، منهم 71310 وُلدوا في أستراليا ولن يَجيئوا إلى لبنان.
وعن الإحصاءات أن الذين هاجروا في كانون الثاني 2004 بلغوا 19575، وفي كانون الثاني 2005 بلغوا 18029، وفي كانون الثاني 2006 بلغوا 15321، وفي كانون الثاني 2007 بلغوا 21140. وتبيّن أن الذين هاجروا في كانون الثاني 2007 زادوا 38% عن الذين هاجروا في كانون الثاني 2006.
وعن إحصاءات الجامعة اليسوعية أن الذين غادروا لبنان بين 1975 و2001 بلغوا 600 ألف لبناني، وأكثر من نصف هذا العدد لا ينوُون الرجوع إلى لبنان.
وعن دراسة للدكتور رياض طبارة أن المهاجرين اللبنانيين بلغوا 100 ألف لبناني في السنة خلال السنوات العشر الأخيرة، وعن أنيس أبي فرح أن العدد بلغ 2،325،131 لبنانياً بين 1990 و2000.
شكراً للدكتور سلوى كرم على هذه الأرقام الدقيقة التي تدل على مثابرة أكاديمية منها في الجمع والاستقصاء، ولكنها أرقام مُخيفةٌ، موجِعةٌ في حقيقتِها، تُظهر أن لبنان يفرغ من أبنائه، ويفرغ من يده العاملة، ويفرغ من أدمغته التي يتلقَّفها الغير فيَبني بِها ويتعمَّر، بينما لبنان يفرغ ويتدمّر من الداخل، ويا ما أسهل دمار العمار أمام فراغ الأدمغة الذي هو الدمار الحقيقي.
هؤلاء الذين ما زالوا يَشْتُمون، ويُشْتَمون، ويتشاتَمون، لا يعون بأنهم سيظلّون يَشْتُمون ويُشْتَمون ويتشاتَمون حتى يقضُوا على آخر شريانٍ في لبنان، حين سيفرغ لبنان من شبابه فلا يعود فيه سوى عجوز أو مريض، وجثثٍ حيةٍ لقطعانٍ بلهاء عمياء من المصفّقجيّين المهيّصين لزعماء سياسيين ظلّوا ينحَرون لبنان ويتناهَشُونه حتى يكادَ يصبح نسخة عصرية من سيرة الأندلس الضائعة.
أيها اللبنانيُّون، إفرغوا من سياسييكم، قبل أن يُفْرِغُوكم من الوطن.