هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

661: من حقوق الطائفة إلى حقوق المواطن

الحلقة 661: من حقوق الطائفة إلى حقوق المواطن
الأربعاء 19 كانون الأول 2007

على ماذا اليوم يختلفون، وأين خلافهم من حقوق المواطن العادي؟
على ثلث ضامن أو ثلث معطّل يختلفون، فأين هذا من حقوق المواطن العادي؟
على عدد أكبر أو أقل من الوزراء يختلفون، فأين هذا من حقوق المواطن العادي؟
على حصة أكبر أو أصغر من قالب الجبنة يختلفون، فأين هذا من حقوق المواطن العادي؟
على كوتا أكثرية وكوتا أقلية يختلفون، فأين هذا من حقوق المواطن العادي؟
على عقدة دستورية أو عقدة سياسية يختلفون، فأين هذا من حقوق المواطن العادي؟
على حصة هذه الطائفة أو تلك بعدد المقاعد يختلفون، فأين هذا من حقوق المواطن العادي؟
وهل تصل المواطنَ حقوقُه في الرغيف والليرة وقسط المدرسة ومستقبل أبنائه، إذا حظيت طائفته بِمقعد وزاري إضافي، أو بمنصب مدير عام إضافي، أو بعدد أكبر من وظائف الفئة الأُولى، فيتأمّن عندئذٍ رغيفُه، وتحافظ ليرتُه على قيمتها الشرائية، ويتوفر قسط المدرسة لأولاده، ويضمن لأولاده مستقبلاً في لبنان؟
يتكرّر هذا المشهد منذ تسعة اجتماعات في ساحة النجمة: اجتماعات تتوفّر ولا تنعقد، تلتئم وقوفاً في الأروقة وتفشل جلوساً في القاعة الكبرى، وتتأجل الجلسة من يوم إلى يوم ومن أسبوع إلى أسبوع، لأن الريموت كونترول لم يفعل فعلَه بعد، هل كلُّ هذا يجري من أجل حقوق المواطن أم من أجل مكاسب يقطفها السياسي لا المواطن، ويحصدها الفريق السياسي لا المواطن، ويبلُغها ممثلو الطوائف السياسيون ولا يستفيد منها أبناء الطوائف المواطنون.
ماذا يُفيد المواطنَ الماروني إذا كسبت الطائفة المارونية مقعداً وزارياً إضافياً، وماذا يكسب المواطن السني إذا فازت الأكثرية النيابية بحصة أكبر، وبِم يتمتع المواطن الشيعي إذا تمكنت الطائفة الشيعية من تحقيق مكسب سياسي أكبر، وماذا يصل إلى المواطن الدرزي إذا وُفِّقت الطائفة الدرزية بنجاح سياسي أقوى، وماذا تكون حصة المواطن العادي من أية طائفة أخرى بين العائلات الروحية في لبنان، إذا تحقق للأكثرية أو للأقلية مكسب سياسي إضافي؟
كان الرئيس فؤاد شهاب يسمي السياسيين “فروماجيست” (أي آكلي الجبنة)، وها هم اليوم “فروماجيست” أكثر من أي وقت آخر، يتقاتلون على حصصهم من قالب الجبنة قبل أن يصل قالب الجبنة، ويهوّلون على رئيس الجمهورية قبل أن يصل رئيس الجمهورية، ويفرضون شروطهم على الجمهورية قبل أن ينفتح باب قصر بعبدا رمز الجمهورية، وكل هذا باسم من؟
المواطن العادي يسكنه اليوم شعور هو بين الغضب والقرف واللعنة، هذا الثالوث الذي لا يعرف طائفة ولا حقوق طوائف ولا كوتا طائفية.
ويا ويل آكلي الجبنة هؤلاء، حين يأزف موعد الانتخابات المقبلة، كيف سيكون عقابُهم عظيماً، بعدما انكشفت الأقنعة عن جميع الوجوه، حين المواطن سيعاقب هؤلاء السياسيين، فيُريهم عندها أن حقوق المواطن العادي تبدأُ وتنتهي في تلك اللحظة الحاسمة: حين يُنْزل ورقته في صندوقة الاقتراع.
أما إذا لم يفعل المواطن هكذا نهار الانتخاب، وعاد إلى الأسماء نفسها قطيعاً منجراً إلى المسلخ نفسه، فمبروك عليه عندها هذا الطقم السياسي.