هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

653: متى أمام أولادنا مثلُ هذا المركز العلمي؟

الحلقة 653: متى أمام أولادنا مثلُ هذا المركز العلمي؟
(الأربعاء 21 تشرين الثاني 2007)

حين اقترح عليّ صديقي المحامي الكويتي عبدالعزيز طاهر أن يصطحبني إلى زيارة المركز العلْمي هنا في الكويت، خلتُني سأزور مركز أبحاثٍ، فيه الدراسات العلمية والمختبرات الحديثة ووسائط الوصول إلى فضاء العلم اللامحدود.
غير أنني لم أجد شيئاً من كل هذا، بل وجدتُ عدداً كبيراً من التلامذة يقطعون تذاكر ويدخلون، حتى إذا دخلتُ وراءهم إلى ذاك المبنى الفخم الحديث المرتب النظيف، وجدتُه مهندَساً إلى أجنحة منوعة مختلفة، في كلٍّ منها حيِّزٌ لاكتشافٍ علْمي، أو آلةٍ ذات وظيفة علْمية، أو تركيبة تقنية ذات معلومة علمية، أو تصنيعة ذات تثقيفة تكنولوجية، وجميعُها تعتمد اللعبة التربوية والدُّربة التوجيهية في تقنية تسلويّة تجعل التلميذ يلعب بها، وفي الوقت نفسه يتعلَّم منها معادلةً فيزيائية، أو عمليةً كيميائية، أو ظاهرةً تكنولوجية، ما لم يكن يمكنه أن يتعلم أيةً منها لو قرأها جافةً في صورة جامدة على صفحة كتاب، مهما تأنّى المعلم في شرحها وتبسيط إفهامها.
هذا المركز العلمي (وهو أحد إنجازات مؤسسة الكويت للتقدُّم العلمي) يرمي إلى تحقيق رسالة تعليمية تثقيفية تربوية، في أجواء ترفيهية تسلوية ممتعة تقدّم للأولاد (وكثيرٌ منها للكبار أيضاً) المعلومة مع التسلية، فتجمع الثقافة والعلْم إلى الترفيه الممتع. كل ذلك من أجل نشر الثقافة والعلوم، وتنمية الوعي البيئي عبر مرافق المركز الرئيسية الثلاثة: الأكواريوم الضخم (وفيه جميع أنواع الطيور البحرية والكائنات البحرية والحيوانات البحرية من أصغرها إلى القرش)، وقاعة الاستكشاف (وفيها مختلف أساليب المحاكاة العلمية الحديثة وتحفيز الصغار على الاستكشاف والتعلُّم باستخدام حواسّهم المختلفة، والتعلم الممزوج بالمرح والترفيه والمتعة بعيداً عن مقاعد الدراسة ومحيط المدرسة)، وصالة السينما العلْمية (الأُولى والوحيدة حتى اليوم في الشرق الأوسط، بشاشتها العملاقة وأكبر قياس فيلم عرفته صناعة السينما إذ يبلغ عشرة أضعاف قياس الفيلم العادي، وعرضها الثلاثي الأبعاد بحيث يشعر المشاهد أنه غائصٌ فعلاً في قلب مياه البحر).
لدى خروجنا من المركز (وهو في منطقة السالمية المطلة على جون الكويت والخليج العربي) سألني صديقي المحامي عبدالعزيز طاهر عن انطباعي، فقلت له إن شعورين يتجاذبانِني: غبطةُ تلامذة الكويت وزوار المركز، والغصةُ على تلامذة لبنان: ماذا يرون، وماذا يتابعون، وما المتوفر أمامهم، هم الذي تجتاحهم شاشات التلفزيون ببرامج رخيصة تسلوية غير تثقيفية، ولا مركزَ علمياً كهذا أمامهم يقدّم لهم المعلومة مع التسلية، والترفيه مع التعلُّم، وأراهم يغرق عمرهم الطري بأجواء سياسية يتلاطم فيها كلُّ ما يُبعد أولادَنا عن المعرفة.
فمتى لأولادنا مثل هذا المركز العلمي المثير الفضول المعرفي، ينقلهم من أجواء السياسة الزائلة، إلى أجواء العلم الباقية؟
كنتُ معكم من الكويت، إليكم بيروت.