هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

621: حديث الانتماء إلى الوطن من عمّان إلى جرش

الحلقة 621: حديث الانتماء إلى الوطن من عمّان إلى جرش
(الأربعاء أول آب 2007)

لم يطل الأمر بالأردنّ، منذ إعلان بترا إحدى عجائب الدنيا السبع، في استفتاء شعبي غير رسمي جرى الإعلانُ عن نتائج التصويت عليه مؤخراً في ليشبونة عاصمة البرتغال، حتى بادرت الدولة الأردنية، بكامل أجهزتها ومؤسساتها ودوائرها وجمعيَّاتها الأهلية ونواديها وإدارات مهرجاناتها، إلى تفعيل هذا الحدث سياحياً وتنظيمياً وبشرياً وإلكترونياً، لتجهيز الموقع لوجستياً وإدارياً كي يكون، فوق ما هو حتى اليوم، مهيَّأً لاستقبال السياح واستقطاب الزوار إليه. والمتوقَّع، رسمياً، أن يرتفع عدد السياح والزوار أضعافَ أضعافِ ما كانه حتى اليوم، فيكونَ الموقع مورداً إضافياً لخزينة السياحة وتالياً لخزينة الدولة، ما يزيد من جعل السياحة مورداً مهماً جداً لمالية الدولة حين تُحسن الدولة تفعيل الموقع السياحي، وهو ما لا تقصِّر عنه وزارة السياحة عندنا حين لا تعيقها أحداثٌ أمنية أو أوضاع وتصاريحُ سياسيةٌ يُخلّفها لنا جهابذةٌ من “بيت بو سياسة” عندنا.
على الطريق من عمان إلى جرش (حيث دعيتُ إلى المشاركة في مهرجان جرش السنوي المعروف) كان المسؤول مرافقي معتزاً باختيار بترا إحدى عجائب الدنيا السبع، ويُحدّثني بِحماسة وطنية وحرصٍ واضحٍ على الانتماء إلى الأردن، منوّهاً بسكانٍ من مُختلف الجنسيات والبلدان يقطنون الأردن أو يعملون في الأردن أو يستثمرون في الأردن، ولكن، تحت المراقبة، وبالخضوع الكامل للقوانين والأعراف، وخصوصاً لاحترام الدولة التي يستظلون أمنها ويعيشون على أرضها ويغنمون من فُرَصِ العمل فيها.
وأردف مرافقي: “لنا انتقاداتٌ على بعض ما يجري في دولتنا، ونتحدّث به في ما بيننا، ولكننا لا نسمح لأيِّ غريب أو زائر أو سائح أو ضيف أو مستثمر أو ساكن عندنا ويغنمُ من بلادنا، أن يلفظ كلمةً واحدةً ضد دولتنا وبلادنا ووطننا. الانتماء والولاء عندنا فوق كل اعتبار، والمحافظة على بلادنا تَجعل عيوننا ساهرة وأسماعنا فاغرة، درءاً لأيِّ شبهة، وإلاّ تتسيَّب حدودُنا وأرضُنا، وتفقد الدولةُ مراقبة من يدخل وماذا يدخل، فنستفيق يوماً لنجد بلادنا ساحةً مفتوحةً سائبةً يستبيحها مُخرِّبون بِمؤامرات يَجيئون بها من الخارج ويستعينون عليها ببعض الخونة في الداخل”.
وختم مرافقي: “تعلّمَت دولتُنا كيف تحزم وتحسم وتجزم، بعد حوادثَ مرّ ببال مُخربين أن يفتعلوها لينقضُّوا على الدولة، فبتنا اليوم مرحِّبين أكثر بزوارنا ولكن متنبِّهين أكثر إلى من يدخل وما يدخل،كي نظل مطمئنّين إلى أمننا، حذرين من مشبوهين بين شعبنا أو زوارنا، كي لا تتكرَّر تَجربتنا المريرة، وكي لا يتكرّر عندنا ما يجري عندكم من تناقضٍ صارخٍ بين السياسيين”.
وهنا توقفت بنا السيارة عند مدخل الموقع الأثري في جرش. وفيما نحن نترجل منها، لاقاني صديقٌ لبنانيٌّ كان تلقّى للتوّ اتصالاً من بيروت، يُخبره عن تصريح ناريّ سياسي جديد زاد من وضع لبنان تأزُّماً وتعقيداً.
كنتم معي في جرَش من الأردن. إليكم بيروت.