هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

595: بل الأحرى مراقبة سلوك المعلّمين

الحلقة 595 : بل الأحرى مراقبة سلوك المعلمين
(الأربعاء 2 أيار 2007)

بعد حلقة الأحد الماضي عن تَخصيصِ ساعةٍ أقلَّ من الدروس، واستبدالِها بساعة سلوكٍ مدني وحسْنِ تصرُّف اجتماعي، اتَّصل بعض الأصدقاء يُثْنون على الطرح ولكن يُحنون باللائمة على بعض المعلّمين مِمن هم يلزمهم توجيه سلوكي، قبل أن نلوم التلامذة على تقصيرهم السلوكي، فكيف يُمكن أن يوجِّهَ سلوكَ التلامذة معلِّمون يلزمهم هم توجيه سلوكي؟
استفسرتُ أكثر من أصدقائي المدرّسين الذين يعانون ويعاينون تصرفات زملاء لهم معلّمين يعتبرون أنهم متعالون كبريائياً فوق الملاحظات، فأعطاني هؤلاء الأصدقاء نَماذج عن تَجاوزات هؤلاء المعلمين السلوكية فإذا بينهم: معلِّمون يتحدَّثون بالخلوي في الصف مشيحين عن الانتباه إلى التلامذة، أو يَخرجون إلى الممر حدّ غرفة الصف كي يتحدَّثوا بالخلوي، ومعلِّمون يدخنون في الصف أو في الممر حدّ الصف أو في غرفة الاجتماعات، ومعلِّمون يعلكون في الصف أو في الممر أو في الملعب، ومعلِّمون وسِخُون يقرف حتى الحيوانات من الدخول إلى حماماتهم في المدرسة، ومعلِّمون يكتبون بالطبشور على اللوح ولا يَمحون اللوح قبل أن يغادروا الصف ويسلّموه إلى معلمي الحصة التالية، ومعلِّمون يتركون الصف غير مرتّب بعدما يكونون عملوا مع التلامذة على فرق جماعية أو احتفال معين في غرفة الصف فلا يطلبون من التلامذة إعادة الكراسي تحت الطاولات مرتَّبةً كما كانت غرفة الصف من قبل، ومعلِّمون يتحدثون في غرفة المعلمين بصوت مرتفع أو يتناقشون سياسياً بشكل غير أخلاقي، أو يقاطع بعضُهم بعضاً من دون تهذيب في أصول الحوار، أو يدخلون إلى غرفة الصف وهم ليسوا في قيافة هندامية لائقة يَحتذيها التلامذة الذين غالباً يتأثَّرُون بِمعلِّميهم، ومعلِّمون ديماغوجيون ينعكس طبعهم الفوضوي على طريقة تدريسهم، ومعلِّمون غيرُ مركِّزين على منطقٍ في تدريسهم أو حواراتهم بل هم استسهاليون “معليشيُّون” لا يبذلون جهداً ولو ضئيلاً كي يُثبتوا أو يُقنعوا أو يوصلوا فكرتهم السليمة إن كانت سليمة.
وسواها وسواها من ملاحظات سلوكية كثيرة لا يَجوز أن تستمر وتؤثِّر في عيونِ التلامذة وأذهانِهم عوضَ أن يكون المعلِّمون قدوةً لتلامذتهم، فكيف يُمكن أن نطلب توجيه التلامذة سلوكياً من معلّمين هُم في حاجة إلى توجيه سلوكي؟
إن تدريس نشئنا الطالع مُهِم، وإعطاءَ تلامذتنا المعلوماتِ العلميةَ ضروريّ، لكنّ المهم أكثر والمُلِحّ أكثر والضروري أكثر: أن يكون المعلِّمون سليمي السلوك الاجتماعي والمدَني والتصرُّفيّ، وأن يتمتعوا بمزايا التربية المدنية قبل أن يوزعوا على تلامذتنا التربية الأكاديمية. والنداء هنا إلى مديري المدارس أن يراقبوا سلوك المعلمين قبل أن يراقبوا طريقة تدريسهم، وإلاّ فنحن أمام جيلٍ جديدٍ مُجتهد دراسياً لكنه منحرفٌ سلوكياً واجتماعياً وبيئياً ومدنياً، وهذا أسوأُ أنواع الجهل وأخطر مستويات التربية.