هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

592: لا تعمّموا على كل الشعب اللبناني

الحلقة 592: لا تعمِّموا على كل الشعب اللبناني
(الأربعاء 18 نيسان 2007)

يسهل على الكثيرين النقدُ الرخيص والانتقاد المجاني والتعميم باستعمال “كل” و”جميع” للحديث عن الجزء أو الأجزاء.
من ذلك مثلاً: تعميم اتهام “كل” الشعب اللبناني للحديث عن مثالب ونواقص وهفوات وأخطاء وخطايا يرتكبها بعضٌ من شعب لبنان، فلا يتورّع المتسرعون عن إطلاق أحكام متسرّعة معمَّمة مثل: “الشعب اللبناني مسؤول”، أو “كما تكونون يولّى عليكم” أو “السياسيون اللبنانيون على صورة الشعب اللبناني”، أو “هيك شعب بدو هيك سياسيين”. فهذا تعميم سخيف غيرُ مسؤول، ولا ينطبق على الواقع ولا على الحقيقة، بل يُهين الشعب اللبناني بكامله، فيما المقصود “بعضٌ” من شعبنا الطيّب.
“البعض”، قلت؟ ومن هو هذا “البعض”؟
هو الذي تنطبق عليه تماماً مقولات “الشعب اللبناني مسؤول”، أو “كما تكونون يولّى عليكم” أو “السياسيون اللبنانيون على صورة الشعب اللبناني”، أو “هيك شعب بدو هيك سياسيين”.
من هو هذا “البعض” من الشعب؟ هو الذي يرضى أفراده أن يكونوا قطعاناً يسوسُهم على عَمَاهُم قائد أو زعيم أو سياسي إقطاعي ورث الإقطاع عن أبيه وجدّه، أو سياسي نيو-إقطاعي من مُخلَّفات الحروب الأخيرة في لبنان.
من هو هذا “البعض” من الشعب؟ هو الذي يرضى أفرادُه أن يكونوا أزلاماً ومَحاسيب تَهييصيين تعييشيين يافطاتيين شعاراتيين روبوتيين، يديرُهم قائد أو زعيم أو سياسي بكبسة زرّ أو بكبسة كلمة، فينقادون وراءه أو لأجله أو باسمه قطعانياً عميانياً ويستفزّون مُحيطهم ويَخلقون مشاكل مع الآخرين وقد يسقطون ضحايا أو جرحى، ولا يرعوون.
فلنكن إذاً واضحي استعمال الكلمات، ولا نُعَمِّمَنَّ كلمة “كل” الشعب اللبناني حين نتحدث عن مثالبَ وهفواتٍ وتقصير وأخطاء وخطايا. فالقطعانيون أقلية مهما كثروا ومهما علَت أصواتُهم وتَحرُّكاتهم، وفي شعب لبنان أكثرية (ولو صامتة) لا تسير عميانياً وراء أحد، ولا تتحمّس قطعانياً من أجل أحد، وتمضي في حياتها اليومية (المهنية والفكرية والثقافية) مُشيحةً عن كلِّ ما، وكلِّ مَن، غيرَ مؤْمنةٍ بأحدٍ من الذين على المسرح، وإذا آمنت فبوعيٍ وعقلانية لا بغرائزية عمياء، وفي أيّ حال، تعرف تَماماً أن تُميِّز بين رجل الدولة ورجل السياسة، وتعرف، بالأصالة اللبنانية العميقة والعريقة، من هو الاستعراضي من رجال السياسة، ومن هو المخْلص، ولذا تشعر بالمهانة والإجحاف حين يقال عن “كُل” الشعب اللبناني إنه مخطئ أو خاطئ أو منقاد.
وهكذا، مش صحيح أنْ “كما تكونون يولّى عليكم”، لأن أفراد الأكثرية الصامتة اليوم، سينتقمون غداً من هذه المهانة حين يأتي يوم الانتخاب، فيمارسون انتقامهم القاسي في… صندوقة الاقتراع.