هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

554: لا من يجلسون على الكراسي بل من يحملون الكراسي

الحلقة 554: لا من يجلسون على الكراسي بل من يحملون الكراسي
(الأربعاء 6 كانون الأول 2006)

جاءتني بالبريد الإلكتروني رسالة من السيدة نجوى سعد فياض في مونبلييه/فرنسا، تلومني في كتاباتي الأخيرة، الصحافية منها في “النهار” أو الإذاعية منها في “صوت لبنان”، على توجُّهي إلى السياسيين الذين بلغوا اليوم ما بلغوه من وضع في لبنان، وتعتب عليَّ لأنني أتوجه إليهم لا إلى الذين، في شعبنا، ينقادون إليهم حتى يتمكَّنوا من بلوغ ما بلغوه.
ومما جاء في الرسالة: “لماذا تتوجّه إلى الذين على الكراسي ولا تتوجَّه إلى الذين يحملون الكراسي لمن يجلسون على الكراسي؟ لماذا تعتب على الذين يمارسون التصفيف فئاتٍ وشوارع، ولا تلوم الذين يقبلون بهذا الاصطفاف الآيل إلى التصفيف؟
لماذا تخاطب السياسيين وما به يتخاطبون ويتهاجمون ويتشاتمون، ولا تخاطب الذين في صفوف شعبنا يهيّصون ويتحمسون ويتفرقون ويحملون اليافطات والشعارات والبيارق والأعلام وينقادون وراء هذا أو ذاك من السياسيين؟
لماذا تلوم مسبحة السياسيين ولا تلوم الذين يرضَون بأن يكونوا حبوباً في مسبحة السياسيين؟ لماذا تلوم الموقدة التي تُحرق بلادنا ومستقبل أولادنا في بلادنا، ولا تلوم الذين يرضون أن يكونوا حطباً يحترق في هذه الموقدة؟ لماذا تلوم السياسيين الذين يعمّرون مَحرقة للوطن هنا أو هناك أو هنالك، ولا تلوم الذين في شعبنا يرضَون أن يكونوا وقوداً لهذه المحرقة أو تلك؟
كيف، من جهة، تعتزّ بشعبنا الذي تسميه خلاّقاً، وفيه مَن فيه من الذين ينقادون بكلمة أو أمر أو إشارة فيسيرون اليوم في هذا الاتجاه وغداً في ذاك الاتجاه وبعد غدٍ في ذلك الاتجاه، منقادين مسيَّرين ببغاوياً روبوتياً عميانياً وراء هذا أو ذاك من السياسيين؟
لماذا تلوم قائدَ القطيع أو زعيمَ العشيرة أو سيّدَ القبيلة أو رئيسَ المزرعة، ولا تلوم الذين يرضَون بأن يكونوا قطعاناً في هذه العشيرة أو تلك القبيلة أو المزرعة؟
وأحبُّ أن أذكّرك بعبارة من مسرحية “ناس من ورق” للأخوين رحباني تقول فيها ماريا لأحد الأزلام: “إنت اللي بتحملّو الكرسي وهوي اللي بيقعد عَ الكرسي”، فإلى هؤلاء توَجَّهْ يا أُستاذ زغيب، كي توعّي شعبنا ألاّ يكون كبسةَ في زرّ أحد، ولا أداة في يد أحد، وخصوصاً في صفوف شبابنا والجامعيين الذين نراهم مهرولين وراء السياسيين، أو مهرولين إلى أبواب السفارات، أو مهرولين إلى مطار بيروت لا كي يهجُروا أو يهاجِروا بل كي يهجُّوا من وطن لهم لم يعد يشبههم.
وختاماً، أحب أن أوجه من خلال برنامجك تحية للّذين في شعبنا يرفضون الانقياد وراء أحد، على أمل أن يزدادوا فلا يعود في الشارع إلاّ وحدهم الداعون إلى الشارع، وعندها ينكفئون إلى بيوتهم ويعيدون النظر في طروحاتهم التي ظلُّوا يطرحونها متّكلين على الشعب حتى خيَّبهم الشعب لأنه اكتشف أن ساسته طرحوا الوطن من خارطة الأوطان، وطرحوه على رصيف الدول بلداً شحاداً يُشيح عنه كلُّ دعم دولي، وتتخلى عنه كل رعاية دولية”.
السيدة نجوى سعد فياض: شكراً على رسالتكِ. ولو لم تكوني أنتِ كاتبتَها، لكنتُ… وقَّعتُها.