هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

530: طلابنا والاصطفافات السياسية

الحلقة 530 : طلابنا والاصطفافات السياسية
(الأربعاء 6 أيلول 2006)

أعلنت الجامعات عن مواعيد استئناف صفوفها، تسجيلاً أو امتحاناتٍ صيفيةً أو بدء دروس.
ومع هذه المواعيد، بعد كل الذي جرى بين تموز وآب، يحمل الطلاب هذا الجو اللبناني المشحون، ويعودون إلى صفوفهم وحرم جامعاتهم وتجمعاتهم وهم يهجسُون لا بالدروس ولا بالامتحانات ولا بمستقبلهم بعد التخرج بل بما حدث ومن أحدث وماذا سيحدث وإلى أين الحديث. وهذا طبيعيٌّ لأنه حديثُ أهاليهم في البيوت وحديثُ أترابهم في المقاهي والمنتديات والتجمعات، وحديث الشاشات التلفزيونية والمحطات الإذاعية التي أصبحت وجباتُها الـ”توك شو”يَّة اليومية ملازمةً أكلَ الناس ونومَهم واجتاحت جميع أوقاتهم بتنظيرات سياسيين ومُحللين لم يعودوا يقنعون أحداً بـ”قراءتهم” الأحداث وخلفياتها.
إذاً بهذا الجو يعود طلابنا إلى الجامعات، إلى امتحاناتهم الاستلحقائية أو الصيفية أو دروسهم في السنة الجامعية الجديدة. ولكن أمنيتَنا الأغلى، مع هذه السنة الجامعية الجديدة، أن يعودوا إلى دروسهم لا إلى اصطفافاتهم السياسية والحزبية والفئوية والطائفية والمذهبية، بل إلى الجسر الوحيد الباقي بلا قصف: وهو مستقبلهم الأهم من كل أحد وكل شيء.
نفهم أن تكون لطلابنا ميولٌ أو التزامات سياسية وحزبية، إنما كي تكون في خدمة بناء الوطن لا بناء زعامات الزعماء الذين إذا تحالفوا يتحالف طلابنا في الجامعات وإذا تباعد هؤلاء السياسيون تباعد طلابنا على المقعد الواحد في الجامعات.
التمني أن يكون مستقبل طلابنا هو الأساس عندهم، لا أن يكونوا حبوباً في مسبحة السياسيين ولا أغناماً في قطيعهم بل أن يكونوا الضوء البكر النقي الذي، على إيمانه بلبنان، سينهض لبنان ويخرج من باب الجامعة إلى باب الوطن الكبير.
طلابنا في الجامعات، فليكونوا كأترابهم وزملائهم في جامعات العالم الراقي: الانتماءات السياسية خارج باب الجامعة، وداخل الجامعة تحصيل علمي هو الذي سيبني وطناً قوياً لا ينخره سوسٌ أسوأُ ما فيه اصطفافات سياسية تؤدي إلى يافطات ويافطات مضادة، إلى مهرجان حزبي يعارضه مهرجان حزبي في الجامعة ذاتها، ويكون استفزاز من هنا واستفزاز مضاد من هناك، ويكون تصايح ويكون خصام ويكون اصطدام وتهرع قوى الأمن الداخلي لتفرِّق الأخ عن أخيه، كما شهدنا في بعض الجامعات خلال الربيع الماضي، بينما زعماء هذا الفريق أو ذاك مرشحون للتلاقي من فوق رؤوس طلابنا، وطلابنا على الريموت كونترول تخاصموا أمس ثم تحالفوا اليوم، ما إلاّ لأن زعماءهم من فوق تخاصموا أمس وتحالفوا اليوم.
طلابنا هم طاقاتنا الأبرز والأنقى. فليظلُّوا هذه الطاقة اللبنانية الخلاقة. ولينقذوا مستقبلهم من التلوُّث السياسي.