هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

510: فصول من كتاب ياسمينا

الحلقة 510 : فصول من كتاب ياسمينا
(الأربعاء 28 حزيران 2006)

خرجت ياسمينا إلى الشرفة، ذاتَ صباحٍ من هذا الشهر، فرأت على الشرفة علم لبنان ما زال يرفرف عليها منذ شكَّهُ والدها ذات صباحٍ من انتفاضة الاستقلال. وتطلعت ياسمينا إلى الشرفات حولها، فرأت أعلاماً أخرى ترفرف عليها، ولم تجد بينها علم لبنان. ولا على شرفةٍ حولها رأت ياسمينا علم لبنان. وحين خرج والدُها إلى الشرفة، سألته عن الأمر، بنبرةِ طفولتها المذيبةِ من عذوبة، فأجابها أن هذه أعلام “المونديال”.
وعادَت فسألت بنبرة الطفولة نفسها: “وهل أعلام المونديال تلغي علم لبنان”؟ فأجابها والدها أن طبعاً لا. وعادت إلى السؤال: “وهل لبنان مشاركٌ في المونديال”، قال لها: “كلا”. قالت: “يعني… وعندما تنتهي المونديال، يعود علم لبنان إلى هذه الشرفات حولنا”؟ قال لها: “ربما”. قالت بحُرقةٍ وهي تتطلع حولها: “يعني… أإلى هذا الحد، علم لبنان كان مؤقتاً على هذه الشرفات؟ لماذا لا يبقى دائماً عليها كما على شرفتنا”؟
لا أدري من هو الذي قال إن الطفولة أَبلغُ من كل بلاغة. لكن قصة ياسمينا تؤكّد أن براءة طفولتها أخرسَت الطهارةَ في لبنانية والدها الذي لم يُنْزل علم لبنان عن الشرفة، لكنه لم يبلغْ، ببلاغة فعله، بلاغةَ عبارة طفلته ياسمينا التي سألت إن كان علم لبنان مؤقتاً إلى هذا الحد.
وفي فصل آخَر من كتاب ياسمينا، أنها حملت ذات صباحٍ دعوة إلى جدّتها لحضور عيد الجدّ والجدة، قائلة لها: “أَتَمنى حضورَك هذه الحفلة، كي أعتزَّ أمام رفيقاتي بأنكِ جدتي أنا”. وحضرَت الجدة الشابة الحفلة، وهي تقرأ في عينَي حفيدتها ياسمينا اعتزازها بجدتِها التي هي جدتُها هي.
وبين عيد الجدة على شرفة قلب ياسمينا، وعلم لبنان على شرفة بيت ياسمينا، فصلان من كتاب ياسمينا الذي هو نموذجٌ به يقتدى لطفولة لبنان التي كم ستحرجنا حين تكبَر أكثر وتسألُنا: “كيف حافظتم على علم لبنان لتنقلوه إلينا شعلةً تنتقل من جيل إلى جيل”؟
وما أكبر مسؤوليتَنا تجاه ياسمينا، وجيل ياسمينا الآتي إلى مستقبل لبنان!