هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

499: لو لم يسافر شارل عشي

499: لو لم يسافر شارل عشي
(الأحد 21 أيار 2006)

بيننا، منذ مساء أمس السبت، ولبضعة أيامٍ هذا الأسبوع، عالِم الفضاء اللبناني شارل عشي مدير مُختبر الدفع النفاث في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا، مِحور مركز الناسا، واسمُه اندلع عالَمياً بعدما بفضله نَجحت المركبة سبيريت بالنُّزول على سطح المريخ عام 2004.
شارل عشي بيننا، بدعوة من “ديوان أهل القلم” الذي يتعهّد الإضاءة على مبدعينا اللبنانيين في العالَم، مساهَمةً منه في حمل مشعل لبنان الحضاري الإبداعي شعراً وأدباً وعلْماً وطباً واختراعاتٍ، وهو اللبنانُ الحقيقي الذي نعتز بالانتماء إليه وبانتماء أبنائنا إليه، المقيمين منهم هنا، والذين في الخارج حذرين من العودة إلى أرض الوطن التي تشهد ما تشهده اليوم من تَخبُّطٍ وضياعٍ بسبب ممارسات قسم غير قليلٍ من “بيت بو سياسة”.
شارل عشي، ابن روكز عشي موظف محطة سكة الحديد في رياق، أتخيله بعدما ولد في رياق سنة 1947، وتتلمذ على راهبات العائلة المقدسة في رياق ثم في معهد الرسل جونيه فالكلية الشرقية في زحلة ومنها حل الأول في لبنان في البكالوريا القسم الثاني سنة 1964، ولم يتنبه له وزير التربية شارل حلو عهدذاك ويعطه منحة إكمال علومه في غرونوبل ليواصل في البوليتكنيك ففي معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا حيث نال الدكتوراه في العلوم الكهربائية.
أتخيل لو كل هذا لم يحصل، ونال شارل عشي البكالوريا القسم الثاني وبقي في لبنان، كم كان خسر العالم عالِماً طوّر أَبْحاث علوم الفضاء، وخسر العلْم نحواً من 230 دراسة في استكشافات الارض ومراقبتها من الفضاء الخارجي، ولكان اليوم بين اللبنانيين الذين يُمضون معظم وقتهم تائهين بين “توك شو” سياسي و”توك شو” سياسي آخر، ويضيع وقته وعمره في انتظار مؤتمر للحوار هنا، ومصالحة بين سياسيين هناك، ولكانت عبقريته العلمية بقيت مقهورةً في وطن نبوغ أبنائه أوسع من مداه.
وما قلته عن شارل عشي لو بقي في لبنان، نقوله عن جبران وحسن كامل الصباح ومايكل دبغي وفيليب سالم وآخرين كثيرين من شبابٍ لبنانيين هم اليوم أعلامٌ مبدعون في العالم، يربحهم العالم ولا يملك لبنان إلاّ أن يتباهى بهم، ويعودَ فينطفئَ إلى هذا الأكواريوم السياسي الوسخ الذي نتخبط فيه بلا أُفق.
شارل عشي، ننحني أمامك، ونشكر “ديوان أهل القلم”، ورئيستَه السيِّدة الدكتورة سلوى الخليل الأمين، على هذه الهدية الإضاءة على لبنان الحقيقي.