هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

490: طرقاتنا واجهة البلد فكيف وجهنا اليوم؟

الحلقة 490: طرقاتنا واجهة البلد فكيف وجهُنا اليوم؟
(الأربعاء 19 نيسان 2006)

على طول الطريق بين أبو ظبي ودُبي، كان صديقي الذي يعيش في أبو ظبي منذ سنوات يشرح لي بحماسةٍ واحترامٍ كيف تتم المشاريع في دولة الإمارات العربية بتأَنٍّ وسرعةٍ وخضوعٍ دقيق للمواصفات المطلوبة، وأنا مأخوذٌ بهذه السجادة الناعمة المستقيمة المستوية التي لا تتخللها مطبات ولا ريغارات ولا حفرٌ ولا تشققات ولا فجوات ولا رجرجات ولا كدمات.
وحين سألت صديقي عن خلُوّ الطريق من رجال شرطة السير، هزّ برأْسه عجباً وتساءل: “ولِم رجال شرطة السير والكاميرا تقوم بما هو أقسى”؟ قال هذا وأشار إلى علبة حديدية كل مسافة معينة وأضاف: “هذه الكاميرا تصوّر تلقائياً كل سيارة تتجاوز السرعة المطلوبة وتذهب الصورة فوراً إلى دائرة الشرطة حتى إذا ذهب صاحب السيارة إلى معاملة الميكانيك واجهته الصورة بمحضر ضبطها المرتفع”. ثم رحتُ أنتبه إلى لافتة حمراء تطالعنا كل مسافة وعليها عبارة: “إنتبه، الطريق مراقب بالرادار”.
أظُن صديقي كان يكمل شرحه وانشراحه لما نعاين، لكنني لم أعُد أصغي إليه كما من أول حديثه، لأنني ذهبت بتفكيري إلى الطرقات عندنا، المتروكةِ جلالي بطاطا وأفخاخاً قاتلة بحفرها وريغاراتها وتشققاتها، والمتروكةِ مراقبةً وشرطةً وحضوراً للدولة يجعل هيبة الدولة رادعةً تجاوزات السائقين الذي اعتادوا عندنا على أن الطريق غابة سائبةٌ لجميع أنواع التجاوزات.
أقول هذا ونحن على أبواب أيار الذي يفتتح موسم الصيف، والصيف في لبنان سياحة، والسائح الذي يطأ أرض لبنان أول ما يطالعه وضع الطرقات عندنا، فأيَّ وضعٍ هيّأنا لهذا السائح؟ وماذا نقول له تبريراً لما سيعاينه ويعانيه؟
وما ذنب السائح كي نقول له إن الوضع السياسي يؤثر على تزفيت الطرقات؟ أنقنعه بأن الوطن كلَّه متوقفٌ على الحوار الوطني أو رحلات السياسيين إلى الخارج لتظبيط الوضع؟
طرقاتُنا واجهةُ السياحة عندنا، فلْنعملْ أولاً على ترميم هذا الوجه، قبل أن يلحق التشويهُ سياحَنا فيُشيحوا عنا، قاطعين الأمل نهائياً من تحسين وجهٍ لنا، كان ذات يومٍ أجملَ وجهٍ في هذا الشرق.