هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

479: الريحاني في مصر جاسوس أميركي

479: الريحاني في مصر جاسوس أميركي
(الأحد 12 آذار 2006)

لا تزال تتفاعل في الأوساط الأدبية اللبنانية والعربية أصداء المقال الذي صدر في مجلة “الهلال” المصرية، عدد شباط الماضي وعدد آذار الحالي، وفيه توجيه تهمة قاسية مجحفة مفبركة مغلوطة عن أمين الريحاني. وكان صادماً حقاً أن تصدر في عددها السابق وعلى غلافها صورة الريحاني وتحته عبارة “وثيقة خطيرة: أمين الريحاني جاسوس أميركي”.
طبعاً ليس المجال هنا الردّ على “الهلال” وما كتبه رئيس تحريرها. فالردّ على الصحافة المكتوبة يكون في الصحافة المكتوبة. لكنّ ما يهمنا هنا، إذاعياً، لفْتُ المستمعين الذين قرأوا العدد أو سمعوا عن العدد أو قرأوا عن العدد، إلى أنّ ما يدعيه كاتب المقال “وثيقةً خطيرة” ليس وثيقةً سريةً ولا خاصة ولا فضيحةً كشف عنها كاتب المقال، لأن كل ما ورد في المقال عاد الريحاني فأورده مفصلاً في مؤلفاته ذات الصلة بجولاته العربية التي كان يكتب عنها للإدارة الأميركية، لافتاً إياها إلى عالم عربي مَجهول منها، لا بنيّة الإخبار الاستخباراتي، كما ذكر كاتب المقال، بل انتصاراً لأهميةٍ، في العالم العربي، على الإدارة الأميركية أن تتنبه لها وتلتفت إليه.
وبين حرص الريحاني على الانتصار للعالم العربي لدى الإدارة الأميركية التي لم تكن فترتئذٍ متنبهةً له لشعورها ببعده عنها، وبين ما رآه كاتب مقال “الهلال” وثيقةً ظنّ بسذاجةٍ أنه فضحها، يتبيّن الفارق بين رصانة “الهلال” التي نعرفها، منذ أسسها اللبناني جرجي زيدان سنة 1892، وبين ما آلت إليه “الهلال” اليوم من صحافة صفراء تسعى إلى السكوبّ أو السبق أو الخبطة الصحافية في عنوان مثير يستجدي تهافت القراء عليه، على مستوى ما تفعله مجلات فنية شعبية تطرح على غلافها عناوين مثيرةً فضائحية لفنانات وفنانين في حياتهم الخاصة استدراراً لفضول القراء كي يقبلوا على شراء العدد.
مؤسفٌ أن تلجأ مجلةٌ رصينةٌ إلى الأُسلوب الفضائحي، ومؤسف أكثر أن تلجأ إلى إثارة موضوع غير صحيح أصلاً، ومؤسفٌ أكثرَ أكثرَ أن يكون كاتبَ المقال رئيسُ تحرير المجلة المفترضُ فيه أن يكون رصيناً في مراقبته مستوى مجلةٍ هي بنتُ لبنان وانحدرت بمستواها إلى أن تهاجم زوراً عبقرياً خالداً من لبنان.