هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

477: عودة إليسا إلى بيتها الأول

الحلقة 477: عودة إليسا إلى بيتها الأول
(الأحد 5 آذار 2006)

وبعد ثلاثة آلاف سنة، تعود إلى بيتِها، تزور بيتَها، وتُشبع غصةَ الحنين الذي كم كان يندَهُها إلى شط صور.
إنها إليسا، بنت صُور، التي غدَرَ أخوها بيغماليون بزوجها أشرباس فهاجرت من صور ماخرة أمواج المتوسط، مروراً بقبرص ووصولاً إلى شط مدينة أفريقية نزلت في مرفإها القديم. طلبت من يارباس ملك تلك المدينة رقعة أرض بمساحة جلد ثَور، فصّلته خيوطاً رقيقةً نحيلةً فوسّعَته رقعة شاسعة سميت قرطاجة أي المدينة الجديدة. وحين طلبها ذاك الملك للزواج رفضت، وفضلت أن ترتمي في النار فوق المحرقة، فتظلَّ وفيةً لأشرباس وتنقذ أهلها وشعبها من الذل والاستسلام. وانطلقَت قرطاجة مدينةً جميلةً قويةً، تركت بصماتها خالدة عبر التاريخ.
“طريق إليسا” من صور إلى قرطاجة، استعادها سباق مراكب شراعية قبل سنتين في أيلول 2004، وتستعيدُها دورته الثانية هذا الصيف، من قرطاجة إلى بيروت، ولأن الاستذكارَ استذكارُ امرأةٍ تاريخية، ينطلق السباق بسيّداتٍ قبطانات يقطعن المسافة نفسها التي قطعتها إليسا قبل ثلاثة آلاف سنة، وهي 1400 ميل بحراً فوق أمواج المتوسط الأزرق، وينطلقن في 13 آب، وهو يوم المرأة التونسية، حفيدةِ إليسّا، والذكرى الخمسون لإقرار قانون حقوق الإنسان في تونس.
الفكرة خطط لها وينفِّذُها المغامر الطموح نجيب قويعة، أَنْجحَ الدورة الأُولى ويعمل على إنْجاح الدورة الثانية، مستعيناً بالطاقات الرسمية التونسية واللبنانية، عبر وزارتي السياحة في البلدين ودعم وزيري السياحة، ومستعيناً بالطاقات الخاصة في رسم برامجَ ثقافيةٍ وفنيةٍ تواكب هذا الحدثَ الذي ظاهره رياضي بحري لكن نقطته العليا هو احتفال ثقافي حضاري يشاء له نجيب قويعة أن يكون أفضل حبل سُرةٍ يربط أجمل الوشائج بين قرطاجة وصور، بين تونس ولبنان، بين جنوبٍ وشمالٍ على شط هذا المتوسط، عبر أُسطورة هذه الإليسا الرائعة التي ستعود إلى بيتها الأول في لبنان، حاملةً حنين الماضي إلى شعلة المستقبل.