هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

474: فنتعلّم قليلاً من الرياض

الحلقة 474: فلنتعلّم قليلاً من الرياض
(الأربعاء 22 شباط 2006)

في الطريق بين مدينة الرياض وقرية الجنادرية (نحو 50 كلم) خُيِّل إليّ أن السيارة تسير على لوح من زجاجٍ أو على مرآة، لشدة ما كانت الطرق ناعمة هادئة هانئة، لا حفرة فيها ولا مطب، ولا ريغار، ولا تشققات، ولا حجارة نافرةً من بين الزفت، ما مضى عليَّ أشهر ولم ألمسه في الطرقات عندنا. أبديت ذلك لمرافقي حسن فاستغرب لملاحظتي وقال لي مندهشاً: “عادي يا أُستاذ. وهل يمكن أن يكون الأمر غير ذلك”؟
وعند مفترق ناءٍ عن المدينة وسط الفلوات، توقف السائق عند إشارة حمراء للمرور. سألت مرافقي حسن من جديد: “ما عقوبة المرور على الضوء الأحمر”؟ أجاب حسن حازماً حاسماً جازماً: “هذا أمر غير وارد يا أُستاذ”. عدت إلى السؤال فأجابني أخيراً: “أولاً عقوبة السجن أربعاً وعشرين ساعة مع رفض المراجعة في الأمر من أي مرجع سياسي في المملكة، لأن القانون يعتبر المرورَ على الضوء الأحمر محاولةَ قتل تشكِّل تهديداً جدياً للآخرين”. وعن السماح للشباب بالقيادة قال: “بعد عشْرة أسابيع من مدرسة القيادة، وامتحان قيادة نظري وعملي، إذا رسب فيه الشاب عاد إلى المدرسة من جديد فلا تتاحُ له القيادة إلاّ إذا اجتاز الامتحانَين النظري والعملي بنجاح”.
سألني حسن بدوره عما عندنا في لبنان، متمنياً أن يزوره لما يسمع عنه أنه جنة حقيقية على الأرض، وسألني عن حال الطرقات في لبنان وقانون السير والحزم في تطبيقه، فرُحت في محاضرة سياحية عن لبنان الجنة الجميلِ المضياف مختبئاً وراء هذه المحاضرة متجنباً الجواب عن حال الطرقات عندنا وتطبيق قانون السير، وأنا أفكر كيف المملكةُ العربية السعودية حوَّلت الصحراء طريقاً سائغة، بحزم في قانون السير، وكيف نحن في جنتنا الصغيرة حوّلنا طرقات الجنة جلالي بطاطا وليس من يسعى لترميم جل البطاطا إلى طريق.
كنتم معي في الرياض، إليكم بيروت.