هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

441: لبنان أولاً: ترتيب بيتنا الداخلي قبل الانصراف للخارج

الحلقة 441: لبنان أوَّلاً: ترتيب بيتنا الداخلي قبل الانصراف للخارج
(الاثنين 31 تشرين الأول 2005)

أزعجُ ما يزعج إسرائيل: رؤيتها إيانا موحَّدين متماسكين ببعضنا البعض في وحدة داخلية لا تُختَرَق، مغايرين عن أنظمة مُحيطةٍ بنا قريبةٍ وبعيدةٍ، بعض عناوينها القهر والكبت والسجون والتوتاليتاريا وخنق الحريات.
هذه الواحة التي شعلتُها لبنان، الفريدة المغايرة، قدَرُها أن تكون “لبنان أوّلاً”، أو لا تكون.
“لبنان أولاً” يعني ترتيبَ بيتنا الداخلي: فلا أولوية محيطية أو إقليمية أو دولية أَولى من صيانة داخلنا اللبناني. ورفضُنا أيةَ وصاية من هنا لا يعني اطِّلابَنا وصاية أُخرى من هناك. فنحن لا نرضى وصايةً علينا من أية جهةٍ مهما عظُم شأنها. وصايتُنا ذاتيةٌ، منا وفينا، وهذه قوّتنا. فأكبر مناقض ومناهض للصهيونية: إنجاحُ الميثاق اللبناني، وتضامنُنا الموحد الواحد الوحيد، وتشبُّثُنا بلبنان الميثاق والكيان والإرث، ما يُفسد حلم إسرائيل بِتَشَتُّتِنا إلى انتماءات هنا وهناك وهنالك وتفسخِنا وتوزُّعِنا على ولاءات أخرى غيرِ “لبنان أولاً”.
ترتيب بيتِنا الداخلي أولويةٌ ضميرية وطنية قبل أيّ انصرافٍ إلى الخارج. هكذا: “لبنان أولاً” لا يعود يعني الانعزال بل تمتينَ الداخل لتمكين دورنا في الخارج. “لبنان أولاً” يعني الوطن المدرّع بالمؤمنين لا الوطن المشرَّع على الآخرين. “لبنان أولاً” يعني سدَّ النوافذ والأبواب على رياح سياسية وإيديولوجية دخيلة وعلى اختراقات وممرات ومعابر تجعل بلادنا كرماً على درب داشراً بلا نواطيرَ ولا هيبةٍ ولا سلطةٍ ولا أصحابِ ملك ولا أصحابِ حقوق. “لبنان أوّلاً” يعني أنَّ في لبنان نواطيرَ وهيبةً وسلطةً وأصحابَ مُلْك وأصحابَ حقوق في أرضهم ووطنهم وإرثهم.
هكذا بـ”لبنان أولاً” يحترم الآخرون وطننا وحكْمنا ودولتنا وشعبنا الواحد. وما أحوجنا اليوم إلى أن يحترمنا الآخرون.