هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

437: لبنان أولاً… والبقية تأتي

الحلقة 437: لبنان أوَّلاً… والبقية تأتي
(الثلثاء 25 تشرين الأول 2005)

ماذا يعني “لبنان أوَّلاً… والبقية تأتي”؟ أبدأ من الأخير: “البقية تأتي” يعني أنها تأتي مشتقَّةً من القسم الأوّل، أي أنها لا تأتي إلاّ انسياقاً منطقياً مع “لبنان أوّلاً”، وإلاّ فهي تأتي معاكسةً أو مناقضةً أو مناهضة.
“البقية تأتي” يعني أنّ لبنان لا يُضمر أن يكون جزيرةً معزولةً منعزلةً أو عازلة بل جسراً متصلاً موصولاً واصلاً.
“البقية تأتي” يعني أن نغذّي المواطنية لا التبعية. المواطنية بالولاء للدولة لا لزعمائها السياسيين، والوفاء والولاء للبنان لا لخارج لبنان، والانتماء إلى مقوّمات الوطن شعباً وأرضاً ودولةً، وهي مقوّمات لا تكون إلاّ في الاعتراف بالكيان النهائي المعترف به دولياً وتاريخياً وجغرافياً وتراثياً وبشرياً وإنتاجاً بشرياً إبداعياً، واعتناقِ هُوية هذا الكيان.
“البقية تأتي” بعد “لبنان أوَّلاً” تعني أنه أوّلاً لبنانُ شعبِه كلِّه حتى آخِر طفل، وأوّلاً لبنانُ أرضِه كلِّها حتى آخِر شبر، لبنانُ العيش الواحد لا لبنان التعايش ولا لبنان العيش المشترك، فشعبنا شجرةُ عائلاتٍ روحية تحيا في بعضها البعض لا مع بعضها البعض ولا تتعايش على أرض لبنان بل تعيش أرضَ لبنان في بيتِها الواحد وطنِها الواحد ترابِه الوحيد.
الهُويَّة/الكيان/الكينونة: ثالوثٌ علينا اعتناقه، لا قبلَه قبل ولا بعدَهُ بعد. فاختلافُنا على هُويّتنا يكاد يُفقِدنا هُويّتَنا وكيانَنا وكينونتَنا معاً. وماذا ينفعنا، بفقداننا هُويتَنا، إذا انتمينا إلى هويات الآخرين جميعاً، أو تعرّينا من هويتنا ولبسنا هويات الآخرين، فنكونُ أصبحنا بلا هُوية ولا كيان ولا كينونة، ولن يقبلنا الآخرون بهُويتهم وكيانهم وكينونتهم،بل سنبقى غرباء دخلاء على هويتهم وكيانهم وكينونتهم.
“لبنانُ أوّلاً” يعني هُويتَنا نحن، وكيانَنا نحن، وكينونتَنا نحن، و”البقية تأتي” يعني أن نستيقظ أخيراً على استزلامنا للآخرين، وعلى استلامنا قدرَنا نحن، حتى نسلّم أجيالَنا المقبلة شعلةً شعارُها: “لبنان أولاً والبقية تأتي”.