هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

436: لبنان أولاً وأخيراً وبين بين

الحلقة 436: لبنان أوَّلاً وأخيراً وبين بين
(الاثنين 24 تشرين الأول 2005)

إذا كان تقرير ميليس، كما شخّصه الخبراء على حق، حداً فاصلاً بين لبنان قبل التقرير ولبنان بعد التقرير، فلْنبادر فوراً إلى تحصين هذا البَعد ببناء دولةٍ ذاتِ وجهٍ جديد ثابت أصيل يجمع لبنان إلى لبنان. وهذا الجمع لا يمكن أن يُلملِمَ لبنان إلى لبنان أو يضَمَّ اللبنانيين إلى اللبنانيين إلاَّ بالإيمان الراسخ الثابت الجهير:”لبنان أوَّلاً وأخيراً وبين بين”.
لبنان أوَّلاً يعني لا قبله وطن ولا معه وطن ولا بعده وطن. لبنان أوَّلاً يعني الولاء للوطن لا للسياسيين. لبنان أوَّلاً يعني الالتـزام بلبنان الدولة لا الاستزلام لأركان الدولة. لبنان أوَّلاً يعني التمسُّك بالهُوية واضحةً صريحةً بلا مواربة ولا مقاربة ولا مراعاة ولا محاباة، هوية لبنان اللبناني أولاً قبل أية هُويةٍ أخرى، لبنانَ السيِّدةُ دولتُهُ على أرضها وشعبِها والملتزمُ شعبُه بدولته أولاً بدون انتماءات إقليمية أو دولية. لبنان أوَّلاً يعني التخلّي عن أية إيديولوجيات سياسية أو عقائدية أو انتمائية أو حزبية غير التمسُّك أولاً وسريعاً بإيديولوجيا واحدة وحيدة: لبنان أولاً شعباً ودولةً وأرضاً، وتاريخاً مش صحيح أنه مصطنَع، ومش صحيح أنه صنيعة الانتداب، ومش صحيح أنه نتيجة سايكس بيكو، ومش صحيح أنه كيان مؤقت مفصول عن كيانٍ آخَر، ومن يصدمه هذا التاريخ فلْيُراجع التاريخ.
لبنان أوَّلاً يعني لا صفةَ تُنسَب إلى لبنان إلاّ اللبناني. لبنان أوَّلاً يعني المنارة التي ليست البداية بل الهداية، ولا الانعزالَ بل الاتصال، ولا القوقعة بل الانفتاح، ولكنَّ أيَّ انفتاحٍ بدون هُويةٍ أصليةٍ أصيلةٍ يُطيح الانفتاح والهوية معاً ويصبح الانفتاح ضَياع هُويةٍِ وضَياع كيانٍ وضَياع خصوصية. ولن يحترمنا المحيط ولا العالَم إلاّ إذا جاهرنا بخصوصية كيانيةٍ منفتحة عنوانُها “لبنان أوَّلاً وأخيراً وبين بين”. كيف؟ نكمل غداً. فإلى حلقة الغد.