هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

417: باقة ورد إلى بلدية بيروت

الحلقة 417: باقة ورد إلى بلدية بيروت
(الثلثاء 27 أيلول 2005)

ظللنا نروي كيف في بلدان العالم الراقي رميُ النفايات في الشارع مخالفة ثمنها محضر ضبط رادع، ونتحسَّر أنْ ليس عندنا هذا الرادع، حتى سمعنا قبل أيام رئيس بلدية بيروت عبدالمنعم العريس يعلن في مؤتمر صحافي قرار بلدية بيروت تنظيم محاضر ضبط بكل من يرمي نفايات في الشارع، وخصوصاً على كورنيش المنارة، مقصدِ المواطنين للمشي والتنَزُّه وتأمُّلِ البحر والغروب وسط قرف النفايات وقلة ذوق وقلة أخلاق بعض المواطنين الرعناء.
أهمية هذه البادرة من بلدية بيروت رباعية. أوّلاً هذا إجراء احترازي رادعٌ مسبق، فلو ان البلدية تبادر إلى رفع النفايات وتكنيس الشارع لاحقاً، لكان هذا من ضمن عملها ولا فضل لها في ذلك، أما أن تردع المواطنين سلفاً قبل إقدامهم فهذه بادرة لافتة. ثانياً: تحافظ البلدية على نظافة شارعٍ من أجمل جادات العاصمة وتبقيه نظيفاً سائغاً للمشي والتنَزُّه. ثالثاً تصوّب البلدية سلوك المواطنين إذ يرتدعون عن الكسل ورمي النفايات وهم يسيرون من دون أي ذوق أو خجل كأي مواطن متخلّف في شعوب العالم الثالث. رابعاً: هذا إجراء احترازي مسبق ذو وفر يومي، إذ إن ساعات عمال التنظيفات لا تعود مكتظة برفع النفايات (يومياً أو أكثر من مرة في اليوم) بل يقتصر الأمر بعدها على مجرد تكنيس عادي لا يعود يتطلب ساعاتٍ كثيرةً وأجورَ مياومين كثيرين.
الإجراء الاحترازي المسبق أفضل من التدبير التنظيفي اللاحق، وتنبيه المواطنين أفضل من تكنيس زبائلهم من ورائهم، وتحذيرهم بمحاضر الضبط أفضل من تمسيح مخالفاتهم المقرفة بعدهم.
ينقص الكثيرين من مواطنينا كثيرٌ من التربية المدنية والتوعية البيئية والتنشئة المواطنية. وهذه جميعها لا تتم بملاطفة المخالفين تنظيرياً، بل بردعهم القاسي وتهديدِهم بمحاضر ضبط موجعة قاسية.
هكذا قررت بلدية بيروت مستعيدةً بعضاً من هيبة الدولة المفقودة. نرفع لها باقة ورد وننتظر تنفيذ قرارها. البلديات الأُخرى فلتتّعظْ ولْتبدإ السلطات المحلية بردع مواطنين رعناء لامسؤولين اعتادوا على غياب… هيبة الدولة.