هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

379: فيروز فيروز… وعلى الأرض السلام

الحلقة 379: فيروز فيروز… وعلى الأرض السلام
(الخميس 4 آب 2005)

لا أعرف سواها في لبنان والعالَم العربي، نالت ما نالته من كتاباتٍ في صوتها الذي، من يومِ صدح، كان متوَّجاً بالمجد (كما يقول عنها منصور الرحباني)، وجعلها أنسي الحاج “شاعرة الصوت” ووسَمها سعيد عقل “سفيرتنا إلى النجوم”، وكتب في صوتها شعراءُ كثيرون، وكرّسها الناس أيقونةَ إعجابٍ وتَمَثُّلٍ حتى باتت الـ”ديفا” الحقيقية للبنان الإبداع، بِما حمله صوتُها من أرقى القصائد، فصحاها وعامّيّها، وأجملِ الميلوديات الحاناً ونغماتٍ، وراح صوتُها يزيد جمال اللحن جمالاً، وشعرَ القصائد شعراً، وحضورُها على المسرح ساطعَ التأثير من هيبة ملكة بترا إلى هيفا بنت الدكان إلى بياعة البندورة، ومن رسالية عطر الليل إلى بطولة غربة بنت مدلج.
بين أفضل ما صدر عنها، سيرةً وصورةً ونصوصاً، كتاب الزميلة ريْما نَجم “فيروز… وعلى الأرض السلام” في 320 صفحة قطعاً موسوعياً كبيراً، أنيقَ الطباعة، كاملَ الألوان، نبيلَ العرض والتقديْم، غنياً بصوَر نادرة موثَّقة تصاحبها نصوصٌ وشهاداتٌ مِمّن ليس كلامهم شهادةً عن فيروز بقدْرما هو شهادةٌ للبنانَ الصوتِ الذي حمل لبنان إلى أطراف الدنيا بأجملَ ما يُحمَلُ وطنٌ إلى الدنيا على جناح صوتٍ ساحرٍ مكتَنِزٍ بأجمل شِعر وأجمل نغمة.
والجهدُ الذي بذَلَتْه ريْما نَجم، كتابةً وجمعاً وتوثيقاً واختيارَ صور وتقميش نصوص، تقوم به عادةً مؤسسةٌ أو وزارةٌ أو دارُ نشر تكلِّف به مَجموعة، فإذا ريْما تَتَجَمْهَرُ وحدَها لتنسُجَ هذا الكتابَ الجميلَ خيطاً خيطاً وقطبةً قطبة فتخرجَ لنا بثوب رائع الشكل والمضمون يؤوه فعلاً من يقرأُه: “… وعلى الأرض السلام”.
ولِمن يشعرون، مثلي، أن صوت فيروز ليس تَرَفاً ولا مُتعةً ولا مساوياً سواه من الأصوات، بل صوتُها حاجةٌ يوميةٌ كالخبز والماء والغذاء والهواء، يشعرُ أيضاً أنّ حاجةً أخرى تندهه ليعود غالباً إلى كتاب ريْما نَجم “فيروز… فيروز… وعلى الأرض السلام”.