هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

377: بين الثقافة والرياضة في الصحافة والإعلام

الحلقة 377: بين الثقافة والرياضة في الصحافة والإعلام
(الثلثاء 2 آب 2005)

لا يُفهَمَنَّ كلامي على الثقافة في هذه الحلقة على أنه انتقاد للرياضة. فأنا أحترم الرياضةَ والرياضيين وهواةَ الرياضة ومتتبّعيها ومتابعي أخبارها. وهي عالَمٌ كبيرٌ ذو توابع وأتباع، وإن لم يكن عالَمي ولا أنا من متتبّعيه.
غير أنني أسجّل فارقاً شاسعاً في تعاطي وسائل الصحافة والإعلام مع الرياضة، بإزاء تعاطي هذه الوسائل مع الثقافة. ففي حينَ تخصص الصحف صفحاتٍ أَربعاً، وربما أكثر، للرياضة على أنواعها وألعابها وأخبارها وأخبارِ أعلامها، لا تخصِّص هذه الصحف للثقافة سوى صفحةٍ واحدةٍ تجتاحها أحياناً إعلاناتٌ أو تقضمُها تتماتٌ من صفحات أخرى.
وفيما تخصص الإذاعات برامجَ متعددةً مستقلّةً للرياضة، وحيِّزاً لائقاً محترماً لها في نشرات الأخبار، لا تخصص للثقافة إلاّ شذراتٍ عابرةً هنا وهناك، لا برامجَ خاصةً مستقلّة، ولا صفحاتٍ موجزةً ثابتةً في نشرات الأخبار.
وفيما تخصص التلفزيونات برامجَ كاملة للرياضة، وحيّزاً مستقلاًّ لها في نشراتها الإخبارية الرئيسة، ونقلاً مباشَراً أو تصويراً كاملاً لمبارياتٍ رياضيةٍ في مُختلف أنواع الرياضة، لا تعطي الثقافةَ إلاّ لحظاتٍ خجولةً وأخباراً عابرةً عند حصول حدثٍ ثقافي غير عادي تغطيه في لحظات عجلى.
وإذا كانت أنواع الرياضة متنوعةً بين كرة سلة وكرة طائرة وكرة مضرب وسباحة وتزلُّج وسباقات ركض وسيارات ورمي وقفز وما إليها من ألعابٍ رياضية ذاتِ عشاقٍ ومتابعين وهواة، فللثقافة أيضاً أنواعها ذاتُ المتابعين: من كتب جديدة ومسرح وموسيقى وسينما وأدب وشعر ورسم ونحت وما إليها من أنواعٍ وأعمالٍ وأعلام تستحقُّ الالتفات إليها في الصحافة والإعلام أكثر من مجرد تغطية مهرجان موسمي أو خبر وفاة أو فوز بجائزة.
أعرف أن الثقافة أضعفُ البرامج استقطاباً للإعلانات، صحافياً وإذاعياً وتلفزيونياً، لكنّها في الغرب تنال حصتها المحترمة الثابتة من المساحة الصحافية والإذاعية والتلفزيونية، يقيناً من الصحافة والإعلام في الغرب أنّ الثقافة هي التي ترقّي الشعوب وتُهيّئ الأجيال لتنميةٍ حضارية هي التي، لا ثقافة القدمين ولا الذراعين، تعكس حضارة الأوطان والشعوب. فمتى عندنا في الصحافة والإعلام حيّز محترَم ثابتٌ للثقافة والمثقفين ولو جزءاً بسيطاً من حيّز الرياضة والرياضيين؟