هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

374: هذا الزعيق الوقح من المطاعم والمقاهي

الحلقة 374: هذا الزّعيق الوقح من المطاعم والمقاهي
(الخميس 28 تَـمُّـوز 2005)

كأنَّما ليس يكفي ما يعانيه المواطنون من قلة النوم والإزعاج في ساعات النوم بِمُفرقعات وأسهم نارية تنفجر في الجوّ فتفاجئهم وتؤرّقهم: ضجيجاً وانفجاراتٍ متتاليةً لوقت ليليٍّ طويل، حتى يضافَ إلى إزعاجهم إزعاجٌ أطولُ إزعاجاً يهاجم نومَهم وهدوءَهم آتياً كالضبع إليهم من المقاهي والمطاعم المجاورة والمحيطة، تَزعقُ منها أصواتُ مكبراتِ الصوت الناقلةِ جعيرَ صيصان المطاعم وقبابيط القهاوي تلعلع أصواتُهم البشعة في أمواج الليل تَحرم المواطنين من النوم فيستعيضون عنها بسيل الشتائِم على أصحاب المطاعم والمقاهي وعلى هؤلاء المُجَعِّرين بِحناجرهم الغليظة أو المصوصئات بأصواتِهنَّ الهرَرِيَّة الزاعقة، وأغانٍ لا الحانَ فيها بل حرتقةُ صحونٍ وطناجر، ولا كلماتٍ فيها بل حشوٌ غليظٌ من الحكي السخيف، وإذا انعدم ثقل دم هؤلاء بأصواتهم الحيَّة القليلة الحياء يستعيض أصحابُ المطاعم والمقاهي بأُسطوانات سخيفة يذيعونَها لينبسط زبائنهم “الكرام” فتلعلعُ لا في فضاء المطعم لينشرح الزبائن الكرام، بل في فضاء الحيِّ كلِّه، والبلدةِ كلِّها، والليل كلِّه، وتَحرمُ في الجوار المواطنينَ من النوم حتى ساعاتٍ متأخِّرة من الليل.
هذه الظاهرة المزعجة، المتكرِّرة صيفاً بعد صيف، والمفسِدةِ موسِمَنا السياحيّ صيفاً بعد صيف، لا نلوم عليها أصحاب المطاعم والمقاهي وحدهم، رغم وقاحتهم الغليظة، بل نلوم المسؤولين المفترضُ أن يسهروا على راحة المواطنين، وتالياً أن يَردعوا ما يُزعج المصطافين ضيوفاً وسياحاً ومواطنين، لكنهم لا يتحرّكون ولا يردعون ولا يقومون بِما هم في السلطة كي يفعلُوه. ويتساءلُ المواطنون حكومةً بعد حكومة: أين هي الحكومة؟
لا نريد أن نتشاءم. نريد أن نبقى متفائلين بكل حكومة جديدة، وأن نسألَ وزير الداخلية أن يضع في أول أولوياته، مع الحكومة الجديدة، لا أن يُعنى بأمن المواطنين، بل أولاً وأخيراً أن يُعنى باستعادة… هيبة الدولة.