هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

357: السنيورة 2) الثقافة الإبداعية والوزارة السيادية

الحلقة 357: النداء الثاني الى الرئيس السنيورة: الثقافة الإبداعية والوزارة السيادية
(الثلثاء 5 تَـمُّـوز 2005)

دولة الرئيس فؤاد السنيورة، مرّ في حلقة أمس الاثنين، أن وزارة الثقافة قادرة أن تكون وزارة سيادية إذا أعطيت لوزير من أهل بيتها.
فالذين تعاقبوا عليها حتى اليوم، إما وزير سياسي أدارها لأنها أعطيت له بالقرعة، وإما وزيرٌ ابن بيتها قصّر عن إنهاضها لشحّ موازنتها، وإما وزير الهته عنها انشغالات وزارية أخرى أو انتخابية أخرى أو كيدية أخرى.
يُحكى عن أمور كثيرة في لبنان، يا دولة الرئيس، وتسمى، تباهياً، “بترول لبنان”. وإننا، لعدم لهفتنا بأن يكون عندنا بترول طبيعي، نعتز بثروات بشرية إبداعية عندنا صنعت مَجدَ لبنان في الخارج وتلمّع صورة لبنان البهيةَ في العالم.
يا دولة الرئيس: لن يذكر التاريخ وزير أشغال زفت كيلومترين من طرقات لبنان، ولا وزير صناعة عقد بروتوكول تعاون مع دولة أخرى، ولا وزيرَ هاتف ركّب ألف خط هاتفي، ولا وزير خارجية استقبل عدداً من السفراء المعتمدين في لبنان، لكنّ التاريخ سيذكر وزير ثقافة بنى متحفاً تشكيلياً دائماً في لبنان، أو وزير ثقافة بنى صالة أوبرا دائمةً في لبنان، أو وزير ثقافة نشط إلى صيانة دائمة للآثار في لبنان، أو وزير ثقافة بنى مسرحاً وطنياً دائماً في لبنان، أو وزير ثقافة أنشأ صندوقاً صحياً دائماً للمبدعين في لبنان، أو وزير ثقافة أسّس لنهضة إبداعية متواصلة في لبنان.
بلى، يا دولة الرئيس، وزارةٌ سياديةٌ هي وزارة الثقافة، أكثر من أية وزارة سياديةٍ زائلةٍ تنتهي بقرار وزاري أو صفقة تجارية أو إدارة أعمال وزارية روتينية. كل إنجاز وزاري آخر قد يكون آنياً زائلاً يمحى أو ينقض بعد رحيل الحكومة أو الوزير فيعادُ البدء به من جديدٍ مرةً بعد مرة، إلا الإنْجاز الثقافي، يبنى مرةً ويبقى خالداً في الزمان شاهداً على منئشه وزير الثقافة الذي سعى إليه أو أنشأه، حتى كلما ذُكر هذا الإنْجاز ذُكر معه وزير الثقافة الذي أنشأه.
وللتذكير، فقط للتذكير يا دولة الرئيس، قليلون جداً في العالم يعرفون أعضاء الأكاديمية الفرنسية العظيمة لكن الكثيرين جداً يعرفون أن وراء تأسيس الأكاديمية الفرنسية العظيمة قبل 370 سنة، عام 1635، وزيراً رؤيوياً اسمه ريشليو. فهل لنا بريشليو لبناني على هذه الصورة، يا دولة الرئيس السنيورة؟