هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

348: … وهذه هي قصة بيتهوفن والأمير

الحلقة 348: .. وهذه هي قصة بيتهوفن والأمير
(الأربعاء 22 حزيران 2005)

بعدَ قصة بيتهوفن والملك، في حلقة أمس الثلاثاء، أروي اليوم قصة بيتهوفن والأمير.
كان الأمير النمساوي ليخنوفْسْكي مُحباً للفنون وصديقاً شخصياً لبيتهوفن، يَجلس إليه ويأنس إلى صُحبته ويعتَزّ بِها بين أترابه الأمراء. ولَما وجد أن بيتهوفن ينوء تَحت بعض الأعباء المادية فيشتغل عازف بيانو ليقوم بِمصاريفه اليومية، ما يُخفّف من انصرافه إلى التأليف، ارتأى الأمير أن يُخصص لبيتهوفن جُعالَةً دائِمة تتيح له الانصراف إلى التأليف، وأكثر من ذلك: أعطاه منْزلاً خاصاً به ينفرد فيه ويؤلّف، من دون أن يقلق على دخله المادي.
غير أن الحُسّاد والمغرضين أوغروا صدر الأمير على بيتهوفن واختلقوا له أخباراً وكلاماً ضدّه على لسان بيتهوفن، فصدّقهم الأمير واتّخذ من بيتهوفن موقفاً حيادياً أولاً ثم سلبياً، ظناً منه أن بيتهوفن سيَهرع إليه يستجديه مسترحماً إياه كي يظلّ يشملُه بعطفه الأميري.
أما ردّ بيتهوفن على الأمير، فكان في رسالةٍ تشبه بيتهوفن العظيم، جاء في خاتِمتها: “يا حضرة الأمير ليخنوفسكي، ما أنت فيه الآن، نتيجةٌ صنعتْها ولادة طبيعية. أما ما أنا فيه، فنتيجةٌ صنعتُها أنا بإبداعي. في العالَم آلاف الأمراء وُلِدوا وسيولدون، إنما ليس في العالم ولن يكون في العالَم إلاّ: بيتهوفن واحد”.
والسؤال البديهي هنا: هل كان أحدٌ سمع بهذا الأمير لولا رعايتُه بيتهوفن والتصاقُ اسمه باسم بيتهوفن؟
وكم من الملوك والأمراء لا نعرف عنهم إلاّ ما نقرأُه في برامج الأمسيات السمفونية عن أنهم رعَوا هذا المبدع أو ذاك، واليوم زالوا وغرقوا في مَجاهل النسيان ولا تُذكَر أَسماؤُهم إلاّ ملتصقةً بكبار المبدعين؟
كان بيتهوفن يعرف ذلك، فلم ينحنِ للملك (كما مرّ في حلقة أمس الثلثاء)، ولا انْحنى لإشاحة الأمير عنه (كما مرّ في حلقة اليوم).
أما قصة شوستاكوفيتش وستالين، فلها أيضاً وقعُها الصاعق، وأَرويها غداً للتأكيد على انْحناء الحكّام للمبدعين، لا العكس. فإلى الغد.