هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

343: … ومن قلب جبل لبنان إلى قلوب العالم العربي

الحلقة 343: … ومن قلب جبل لبنان إلى قلوب العالم العربي
(الأربعاء 15 حزيران 2005)

أبعدَ من أن نُهنّئ الفائزين ونؤاسي الخاسرين في انتخابات الأحد الماضي في جبل لبنان، تَهمُّنا انتخابات الجبل بِما يعنيه الجبل نفسه من رموز: رموز القلب اللبناني الذي فيه معظمُ العائلات اللبنانية والزعامات اللبنانية والقامات اللبنانية التي صنعت وتصنع ركيزة لبنان.
وأبعدَ من تَجاوزات وتَحالفات ومُخالفات ورشوات وضغوطات وتصريحات وتشاتُمات رافقت انتخابات الجبل وأدى بعضُها إلى وصول البعض، وإلى إعاقة قامات أخرى عن الوصول، تبقى انتخابات الجبل علامةً صَدَقَ من اعتبرها هي بدايةَ الانتخابات النيابية في لبنان، لا دورتان سابقتان في بيروت والجنوب جاءتا معلّبتين سلفاً، ما خفّض نسبة المقترعين بينما انتخابات الجبل ظلت غامضةً حتى اللحظة الأخيرة من إعلان نتائج الأقلام الأخيرة، ما دلّ على منافسة ديمقراطية حقيقية، ولعبة ديمقراطية حقيقية ومناخ ديمقراطي حقيقي.
وارتفاع نسبة المقترعين أكثرَ من أية دورة انتخابية أخرى في العقدين الأخيرين، دلّ على أنّ للمواطنين موقفاً حراً لا في الاقتراع المفروض بل في الانتخاب المعروض خياره الحُر للمواطن.
والفارق بين آخر الفائزين وأول الخاسرين، دلّ على أنْ لا نتيجةَ كانت مَحسومةً سلفاً، بل كان الفارقُ بضعَ مئاتٍ من الأصوات لم تتظهَّرْ إلا بعد فضّ آخر مغلّف في آخر صندوق.
ولولا مهرجانُ تشاتُمٍ رخيص وتشاتُمٍ مضادٍّ رخيص رافق تلك العملية استخدم له المرشَّحون التلفزيون والبريد الإلكتروني والمواقع الإلكترونية والإنترنت والرسائل على الهاتف الخلوي لا للحملة الانتخابية بل لأكثر التشاتُم تَخلُّفاً بأكثر الوسائل تطوُّراً، لكانت انتخابات الجبل أفضل صورة ديمقراطية لم يشهدها لبنان منذ عقود، وكما لم يشهدها العالم العربي في تاريخه.
ومهما يكن، تبقى انتخابات جبل لبنان، وهو قلب لبنان، أمثولةَ تَحريضٍ قويٍّ رائعةً لِجميع قلوب العالم العربي التواقة إلى بلوغ مرحلة لا تعود فيها الانتخابات لديهم مُجرَّد استفتاءٍ باردٍ تأتي نتيجته المعلّبة سلفاً 99،99% إن لم تكن أكثر. إنها رسالتُنا اللبنانية، من قلب جبل لبنان إلى قلوب العالم العربي.